وتشكل المجلة بالنسبة اليه مشروعاً ثقافياً لا يقل في أهميته عن المكاسب المادية التي يسعى لتحقيقها أيضاً.
وتوصف المجلة التي تحمل اسم (لندن ماغازين) بأنها أقدم مجلة أدبية في بريطانيا حيث صدرت لأول مرة في العام 1732، وكان لها باع طويل في عالم الفكر والأدب قبل أن تتكاثر المطبوعات من حولها ويخف تأثيرها. وقال د. الجلبي لـ'القدس العربي' أنه قرر شراء هذه المجلة أملاً في أن يحقق من خلالها مصالح عربية واسلامية لم تفلح السياسة في تحقيقها حتى الآن.
ولاقى قرار الجلبي بشراء هذه المجلة الأدبية صدىً طيباً في أوساط المراقبين الذين طالما أعابوا على رجال الأعمال والأثرياء العرب اقبالهم على الاستثمارات التي لا تحقق منافع عامة للعرب والمسلمين، مثل استثمارات العقارات والأندية الرياضية.
وكانت فرصاً عدة سنحت على وجه الخصوص أمام المستثمرين العرب لتملك صحفاً ومؤسسات اعلامية بريطانية مع تهاوي هذه المؤسسات تحت ضغط الأزمة الاقتصادية العالمية، الا أن العروض لم تلق القبول عندهم وبقيت استثماراتهم موجهة نحو المشاريع التي تدر أرباحاً سريعة ومضمونة. ويقر د. الجلبي (62 عاماً) بأن (لندن ماغازين) تحتاج لبذل الكثير من الجهد لزيادة توزيعها واعادتها الى مركز الصدارة في الساحة الأدبية البريطانية، الا أنه في الوقت ذاته يعول عليها في مساعي تحسين صورة العرب والمسلمين في بريطانيا.
ويقول ان المجلة التي درج على الكتابة فيها الأدباء الحائزون جائزة نوبل للآداب وغيرهم من الكتاب العالميين من شأنها أن تتحول الى وسيلة فعالة للحد من تأثير الهجمة التي تشنها جهات دينية وغير دينية على العرب والمسلمين ومحاولة تصويرهم على أنهم تهديد للغرب.
وأعرب الجلبي عن قناعته بامكان استخدام تلك المجلة الأدبية من أجل الارتقاء بالمصالح العربية الاسلامية واعادة صياغة الحضارة الاسلامية في الوعي البريطاني، خاصةً وأن تلك الحضارة قدمت للانسانية بقدر ما فعلت تكنولوجيا الغرب مثلاً، ولذا فهي تستحق الاهتمام والانصاف وأن لا تترك نهباً للتشويه والتحريف الذي يستهدفها في المرحلة الراهنة.
وكشف عن أن الاعداد القادمة للمجلة ستحمل براهين بالمقالات والملفات التي ستتناولها على خطها التحريري الجديد، مشيراً الى أن من بين المقالات القادمة مقالا لرئيس أساقفة كنتربري الذي أثار العام الماضي عاصفة من الجدل حول تصريحاته عن مستقبل الشريعة الاسلامية في بريطانيا، ومقالا آخر للزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا عن أهمية الحوار في حل الصراعات، كما ستناقش المجلة ملف السياسة البريطانية الخارجية وسبل مساعدة المتضررين منها في دولٍ مثل العراق وفلسطين، الى جانب ملفات أخرى تتناول موضوعات من التراث العربي في مختلف الدول العربية وتوضح أن الحضارة الانسانية ليست غربية المنشأ وأن العرب والمسلمين أسهموا باثرائها.
ويقول د. الجلبي أنه يعتمد في مشروعه الطموح هذا على طاقم تحرير جيد ومستشار تحرير مشهود له بالخبرة والكفاءة وهو اللورد غري غاوري الذي شغل منصب سكرتير التربية والتعليم مدة عشر سنوات في حكومة رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر.
وعن تاريخه الشخصي، قال انه قدم الى بريطانيا لتلقي العلوم فيها في العام 1965 ضمن بعثة دراسية، وقد تلقى تعليمه الاعدادي والثانوي في مدارسها ونال درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من احدى جامعاتها وأتبعها بشهادتي ماجستير ثم شهادة دكتوراه في تخصص اقتصاد التخطيط الصناعي. وقد عمل مستشاراً علمياً لدولة الامارات العربية المتحدة من العام 1974 حتى العام 1984.
وشارك ضمن وفد خاص للتفاهم والحوار بين الحكومتين العراقية والبريطانية من أجل رفع الحصار عن العراق في العام 1999. وتدرج د. الجلبي في المناصب في حزب المحافظين البريطاني حتى أصبح عضواً في عدد من لجانه الاستشارية.
ويتحدر الدكتور الجلبي من عائلتين عريقتين في العراق، أولاهما عائلة الجليلي التي تنتمي اليها والدته ويعرف عنها نبوغها في الأدب ومقاومتها للأعداء حيث قاد جد والدته في العام 1943 تمرداً ضد شاه ايران ومحاولات هيمنة الامبراطورية الفارسية في الموصل.
كما انه ينتمي الى عائلة 'الجلبي الأصلي' في العراق على حد تعبيره، ولا يجد غضاضة في المفاخرة بأصوله البرجوازية، معرباً عن قناعته بأن الرأسمالي الصالح يحافظ على 'رأسه' و'ماله' ويسعى لتحقيق مصالح عامة أيضاً.