فسعيد وزميله نمير نور الدين كانا يمشيان في شارع حيفا وسط بغداد بينما كانت القوات الاميركية تبحث عن مسلحين عراقيين، حين اطلقت النار باتجاههما.
من جهته، قال البنتاغون ان طاقم الطائرة لم يكن يمتلك اي سبب للاعتقاد بوجود اعلاميين برفقة قوات العدو في تلك اللحظة. وافاد متحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان الجيش يأسف لسقوط ضحايا ابرياء في هذه الواقعة.
الطفل المدلل لدى والده
وخلال محاولة والد سجاد ودعاء انقاذ سعيد، كان الطفلان يجلسان في المقعد الامامي للحافلة. ولم تترك القوات الاميركية الطفلين في تلك اللحظة بل اصطحبتهما الى مستشفى اميركي للعلاج، الا ان اخبارا سيئة كانت بانتظارهما. يقول سجاد: "سألت عن والدي، فاخبروني انه قتل".
ويعيش الطفلان الآن مع عمتهما، التي تحاول تأمين حياة سعيدة لهما، وتقول العمة انهما تأثرا بصورة سلبية بعد الذي حدث لوالدهما، فالولد يبكي دوما لأنه كان المدلل لدى والده.
وترغب أم مصطفى في ان يحصلا على حياة طبيعية، ولكن الامر صعب للغاية، خصوصا مع نشر مقاطع الفيديو هذه، تقول العمة: "شعرنا بالحزن الشديد بعد رؤية مقاطع الفيديو هذه، فكأن والدهما مات من جديد".
غير ان ام مصطفى ما زالت تعتقد ان نشر هذه الوثائق امر جيد: "بالطبع انا سعيدة لان العالم باكمله سيعرف ان ملايين الناس قتلوا من دون اي سبب، لوهلة رغبنا في التخلص من حكم صدام حسين، الا ان الوضع اليوم أسوأ بكثير، كنا نعتقد ان الأمن والسلام سينتشران، غير ان ما حصل هو الدمار الكامل".
ولعل مأساة هذه العائلة تعكس مآسي وطن وشعب بأكمله.
السبعينات.. واليوم؟
بصورة عامة، ما الذي حصل حتى امتلأ العالم كله باسرار مراحل من الصراعات واللقاءات الدبلوماسية. في اوائل السبعينات، تمكن دانيال السبيرغ من تسريب معلومات ووثائق حول حرب فيتنام الى عدد من المسؤولين السياسين وصحف محلية في الولايات المتحدة، وهو ما تطلب منه جهدا كبيرا وسرية تامة لخوض مثل هذه المغامرة.
اليوم، واذا ما اراد اي شخص تسريب اي نوع من المعلومات، فما عليه سوى زيارة الموقع الالكتروني wikileaks.org لتحميل هذه الوثائق، ولتصبح متاحة امام العامة في غضون دقائق.
لقد اصبح هذه الموقع الذي انشأته مجموعة من المهتمين بالتكنولوجيا، احد اهم المواقع التي يزورها الباحثون عن طرق جديدة لعرض المعلومات السرية امام العامة، عوضا عن الاسلوب التقليدي.
لقد حظي باهتمام كبير في نيسان الماضي، بعد نشره تقريرا مصورا يظهر طائرة هليكوبتر اميركية وهي تهاجم مجموعة من العراقيين المدنيين وتقتلهم، وكان من بينهم صحافيان يعملان في وكالة رويترز. ويؤكد الكثيرون ان ظهور مثل هذه المواقع الالكترونية سيساعد في زيادة شفافية الحكومة بالنسبة لهذه القضايا.
القصص الخفية
واوضح استاذ الصحافة في جامعة كولومبيا، سري سرينيفاسان، لصحيفة الاندبندنت البريطانية: "انه عالم حديث يقدم طريقة جديدة لعرض مثل هذه القصص الخفية". الفكرة الاساسية للموقع تعتمد على ان باستطاعة اي شخص تسريب الوثائق والفيديو، والصور، وفي الوقت نفسه البقاء مجهول الهوية.