خطبة لامير المؤمنين وسيد الموحدين
عليه السلام في التوحيد الحق
الذي ابتعد عنه المسلمون
الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون . ولا يحصي نعماءه
العادون . ولا يؤدي حقه المجتهدون ، الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن. الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت
موجود . ولا وقت معدود ولا أجل ممدود . فطر الخلائق بقدرته .
ونشر الرياح برحمته . ووتد بالصخور ميدان أرضه . أول الدين
معرفته وكمال معرفته التصديق به . وكمال التصديق به توحيده .
وكمال توحيده الاخلاص له . وكمال الإخلاص له نفي الصفات
عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير
الصفة . فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه . ومن قرنه فقد ثناه ومن
ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله. ومن جهله فقد أشار إليه .
ومن أشار إليه فقد حده. ومن حده فقد عده ، ومن قال فيم
فقد ضمنه . ومن قال علام فقد أخلى منه . كائن لا عن حدث
موجود لا عن عدم . مع كل شئ لا بمقارنة . وغير كل شئ لا
بمزايلة. فاعل لا بمعنى الحركات والآلة . بصير إذ لا منظور إليه
من خلقه. متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش
لفقده. أنشأ الخلق إنشاء . وابتدأه ابتداء . بلا روية أجالها. ولا تجربة
استفادها . ولا حركة أحدثها . ولا همامة نفس اضطرب فيها. أحال
الأشياء لأوقاتها. ولأم بين مختلفاتها. وغرز غرائزها وألزمها
أشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها وانتهائها . عارفا بقرائنها
وأحنائها. ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء وشق الارجاء وسكائك
الهواء. فأجرى فيها ماء متلاطما تياره ، متراكما زخاره . حمله
على متن الريح العاصفة ، والزعزع القاصفة . فأمرها برده ، وسلطها
على شده ، وقرنها إلى حده . الهواء من تحتها فتيق ، والماء من فوقها
دفيق . ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها وأدام مربها . وأعصف
مجراها وأبعد منشاها . فأمرها بتصفيق الماء الزخار ، وإثارة موج
البحار . فمخضته مخض السقاء ، وعصفت به عصفها بالفضاء . ترد أوله
إلى آخره ، وساجيه إلى مائره. حتى عب عبابه ، ورمى بالزبد ركامه
فرفعه في هواء منفتق ، وجو منفهق. فسوى منه سبع سماوات
جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا . وسمكا
مرفوعا . بغير عمد يدعمها ، ولا دسار ينظمها. ثم زينها بزينة
الكواكب ، وضياء الثواقب. وأجرى فيها سراجا مستطيرا ،
وقمرا منيرا . في فلك دائر ، وسقف سائر ، ورقيم مائر ثم فتق
ما بين السماوات العلا . فملأهن أطوارا من ملائكته منهم
سجود لا يركعون ، وركوع لا ينتصبون ، وصافون لا يتزايلون
ومسبحون لا يسأمون . لا يغشاهم نوم العين . ولا سهو العقول .
ولا فترة الأبدان . ولا غفلة النسيان . ومنهم أمناء على وحيه ،
وألسنة إلى رسله ، ومختلفون بقضائه وأمره . ومنهم الحفظة لعباده
والسدنة لأبواب جنانه . ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم ،
والمارقة من السماء العليا أعناقهم ، والخارجة من الأقطار أركانهم ،
والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم . ناكسة دونه أبصارهم .
متلفعون تحته بأجنحتهم . مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب
العزة وأستار القدرة . لا يتوهمون ربهم بالتصوير . ولا يجرون
عليه صفات المصنوعين . ولا يحدونه بالأماكن . ولا يشيرون
إليه بالنظائر
عليه السلام في التوحيد الحق
الذي ابتعد عنه المسلمون
الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون . ولا يحصي نعماءه
العادون . ولا يؤدي حقه المجتهدون ، الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن. الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت
موجود . ولا وقت معدود ولا أجل ممدود . فطر الخلائق بقدرته .
ونشر الرياح برحمته . ووتد بالصخور ميدان أرضه . أول الدين
معرفته وكمال معرفته التصديق به . وكمال التصديق به توحيده .
وكمال توحيده الاخلاص له . وكمال الإخلاص له نفي الصفات
عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير
الصفة . فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه . ومن قرنه فقد ثناه ومن
ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله. ومن جهله فقد أشار إليه .
ومن أشار إليه فقد حده. ومن حده فقد عده ، ومن قال فيم
فقد ضمنه . ومن قال علام فقد أخلى منه . كائن لا عن حدث
موجود لا عن عدم . مع كل شئ لا بمقارنة . وغير كل شئ لا
بمزايلة. فاعل لا بمعنى الحركات والآلة . بصير إذ لا منظور إليه
من خلقه. متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش
لفقده. أنشأ الخلق إنشاء . وابتدأه ابتداء . بلا روية أجالها. ولا تجربة
استفادها . ولا حركة أحدثها . ولا همامة نفس اضطرب فيها. أحال
الأشياء لأوقاتها. ولأم بين مختلفاتها. وغرز غرائزها وألزمها
أشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها وانتهائها . عارفا بقرائنها
وأحنائها. ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء وشق الارجاء وسكائك
الهواء. فأجرى فيها ماء متلاطما تياره ، متراكما زخاره . حمله
على متن الريح العاصفة ، والزعزع القاصفة . فأمرها برده ، وسلطها
على شده ، وقرنها إلى حده . الهواء من تحتها فتيق ، والماء من فوقها
دفيق . ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها وأدام مربها . وأعصف
مجراها وأبعد منشاها . فأمرها بتصفيق الماء الزخار ، وإثارة موج
البحار . فمخضته مخض السقاء ، وعصفت به عصفها بالفضاء . ترد أوله
إلى آخره ، وساجيه إلى مائره. حتى عب عبابه ، ورمى بالزبد ركامه
فرفعه في هواء منفتق ، وجو منفهق. فسوى منه سبع سماوات
جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا . وسمكا
مرفوعا . بغير عمد يدعمها ، ولا دسار ينظمها. ثم زينها بزينة
الكواكب ، وضياء الثواقب. وأجرى فيها سراجا مستطيرا ،
وقمرا منيرا . في فلك دائر ، وسقف سائر ، ورقيم مائر ثم فتق
ما بين السماوات العلا . فملأهن أطوارا من ملائكته منهم
سجود لا يركعون ، وركوع لا ينتصبون ، وصافون لا يتزايلون
ومسبحون لا يسأمون . لا يغشاهم نوم العين . ولا سهو العقول .
ولا فترة الأبدان . ولا غفلة النسيان . ومنهم أمناء على وحيه ،
وألسنة إلى رسله ، ومختلفون بقضائه وأمره . ومنهم الحفظة لعباده
والسدنة لأبواب جنانه . ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم ،
والمارقة من السماء العليا أعناقهم ، والخارجة من الأقطار أركانهم ،
والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم . ناكسة دونه أبصارهم .
متلفعون تحته بأجنحتهم . مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب
العزة وأستار القدرة . لا يتوهمون ربهم بالتصوير . ولا يجرون
عليه صفات المصنوعين . ولا يحدونه بالأماكن . ولا يشيرون
إليه بالنظائر