خطبة الإمام الصادق ( عليه السلام ) في صفات النبي (صلى الله عليه وآله)
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( ... فلم يمنع ربّنا لحلمه وأناته وعطفه ، ما كان من عظيم جرمهم وقبيح أفعالهم ، أن انتجب لهم أحبّ أنبيائه إليه ، وأكرمهم عليه ، محمّد بن عبد الله ( صلى الله عليه وآله ) ، في حومة العزّ مولده ، وفي دومة الكرم محتده ، غير مشوب حسَبه ، ولا ممزوج نسَبه ، ولا مجهول عند أهل العلم صفته .
بشّرت به الأنبياء في كتبها ، ونطقت به العلماء بنعتها ، وتأمّلته الحكماء بوصفها ، مهذّب لا يدانى ، هاشمي لا يوازى ، أبطحي لا يسامى ، شيمته الحياء ، وطبيعته السخاء ، مجبول على اوقار النبوَّة وأخلاقها ، مطبوع على أوصاف الرسالة وأحلامها ، إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها ، وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهاياتها ، أدّى محتوم قضاء الله إلى غاياتها ، يبشّر به كلّ أُمّة من بعدها .
ويدفعه كلّ أب إلى أب ، من ظهر إلى ظهر ، لم يخلط في عنصره سفاح ، ولم ينجّسه في ولادته نكاح ، من لدن آدم إِلى أبيه عبد الله ، في خير فرقة ، واكرم سبط ، وأمنع رهط ، وأكلأ حمل ، وأودع حجر ، اصطفاه الله وارتضاه واجتباه ، وآتاه من العلم مفاتيحه ، ومن الحِكم ينابيعه ، ابتعثه رحمةً للعباد ، وربيعاً للبلاد .
وأنزل الله إليه الكتاب ، فيه البيان والتبيان ، قرآناً عربيّاً غير ذي عوج لعلّهم يتّقون ، قد بيّنه للناس ونهجه بعلم قد فصّله ،ودين قد أوضحه ، وفرائض قد أوجبها ، وحدود حدّها للناس وبيّنها ، وأُمور قد كشفها لخلقه وأعلنها ، فيها دلالة إلى النجاة ، ومعالم تدعو إلى هداة .
فبلّغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما أُرسل به ، وصدع بما أُمر به ، وأدَّى ممّا حمّل من أثقال النبوّة ، وصبر لربّه ، وجاهد في سبيله ، ونصح لأُمّته ، ودعاهم إلى النجاة ، وحثّهم على الذكر ، ودلّهم على سبيل الهدى ، بمناهج ودواع أسّس للعباد أساسها ، ومنازل رفع لهم أعلامها ، كي لا يضلّوا من بعده ، وكان بهم رؤوفاً رحيماً ) .
خطبة الإمام الصادق ( عليه السلام ) عند استلامه مهمّة الإمامة
لمّا أفضي أمر الله تعالى إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، جمع الشيعة وقام فيها خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكّرهم بأيّام الله ، ثمّ قال ( عليه السلام ) :
( إِنّ الله تعالى أوضح بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه ، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه ، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ، فمن عرف من أُمّة محمّد ( صلى الله عليه وآله ) واجب حقّ إِمامه ، وجد طعم حلاوة إِيمانه ، وعلم فضل طلاوة إِسلامه ؛ لأنّ الله تعالى نصب الإمام علَماً لخلقه ، وجعله حجّة على أهل مواده وعالمه ، وألبسه تعالى تاج الوقار ، وغشاه من نور الجبّار ، يمدّ بسبب من السماء لا ينقطع عنه مواده ، ولا ينال ما عند الله إِلاّ بجهة أسبابه .
ولا يقبل الله أعمال العباد إِلاّ بمعرفته ، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى ، ومعميات السنن ، ومشتبهات الفتن ، فلم يزل الله تعالى مختارهم لخلقه ، من ولد الحسين ( عليه السلام ) من عقب كلّ إِمام إِماماً ، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ، ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم ، كلّما مضى منهم إِمام نصب لخلقه من عقبه إِماماً ، عَلماً بيّناً ، وهادياً نيّراً ، وإِماماً قيّماً ، وحجّة عالماً ، أئمّة من الله يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، حجج الله ودعاته ، ورعاته على خلقه ، يدين بهداهم العباد ، وتستهلّ بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التلاد .
جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها ، فالإمام هو المنتجب المرتضى ، والهادي المنتجى ، والقائم المرتجى ، اصطفاه الله بذلك ، واصطنعه على عينه في الذرّ حين ذرأه ، وفي البرية حين برأه ، ظلاً قبل خلق الخلق نسمة عن يمين عرشه ، محبواً بالحكمة في عالم الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره .
بقيّة من آدم ( عليه السلام ) ، وخيرة من ذرّية نوح ، ومصطفى من آل إِبراهيم ، وسلالة من إِسماعيل ، وصفوة من عترة محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، لم يزل مرعيّاً بعين الله يحفظه ويكلأه بستره ، مطروداً عنه حبائل إِبليس وجنوده ، مدفوعاً عنه وقوب الغواسق ، ونفوث كلّ فاسق ، مصروفاً عنه قوارف السوء ، مبرأً من العاهات ، معصوماً من الفواحش كلّها ، معروفاً بالحلم والبرّ في يفاعه ، منسوباً إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسنداً إليه أمر والده ، صامتاً عن المنطق في حياته ، فإذا انقضت مدّة والده إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيّته ، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى محبّة ، وبلغ منتهى مدّة والده ( صلى الله عليه وآله ) ، فمضى وصار أمر الله إليه من بعده ، وقلّده دينه ، وجعله الحجّة على عباده ، وقيّمه في بلاده ، وأيّده بروحه ، وآتاه علمه ، وأنبأه فصل بيانه ، ونصبه عَلماً لخلقه ، وجعله حجّةً على أهل عالمه ، وضياءً لأهل دينه ، والقيّم على عباده ، رضي الله به إِماماً لهم ، استودعه سرّه ، واستحفظه علمه ، واستخبأه حكمته ، واسترعاه لدينه ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأحيى به مناهج سبيله ، وفرائضه وحدوده .
فقام بالعدل عند تحيّر أهل الجهل ، وتحيير أهل الجدل ، بالنور الساطع ، والشفاء النافع ، بالحقّ الأبلج ، والبيان اللائح من كل مخرج ، على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه ( عليهم السلام ) ، فليس يجهل حقّ هذا العالم إِلاّ شقي ، ولا يجحده إِلاّ غوي ، ولا يصدّ عنه إِلاّ جريء على الله تعالى ) .
خطبة الإمام الصادق ( عليه السلام ) في رد شكوى بني العباس
لمّا دخل هشام بن الوليد المدينة أتاه بنو العباس ، وشكوا من الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا ، فخطب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فكان ممّا قال :
( إِنّ الله لمّا بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه والناصر له ، وأبوكم العباس وأبو لهب يكذّبان ويولّيان عليه شياطين الكفر ، وأبوكم يبغي له الغوائل ، ويقود إليه القبائل في بدر ، وكان في أوّل رعيلها ، وصاحب خيلها ورجلها ، المطعم يومئذٍ ، والناصب له الحرب ) .
ثمّ قال : ( فكان أبوكم طليقنا وعتيقنا ، وأسلم كارهاً تحت سيوفنا ، ولم يهاجر إِلى الله ورسوله هجرة قط ، فقطع الله ولايته منّا ، بقوله : ( الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء ) .
ثمّ قال : ( مولى لنا مات فخرنا تراثه ، إِذ كان مولانا ولأنّا ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأُمّنا فاطمة أحرزت ميراثه ) .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( ... فلم يمنع ربّنا لحلمه وأناته وعطفه ، ما كان من عظيم جرمهم وقبيح أفعالهم ، أن انتجب لهم أحبّ أنبيائه إليه ، وأكرمهم عليه ، محمّد بن عبد الله ( صلى الله عليه وآله ) ، في حومة العزّ مولده ، وفي دومة الكرم محتده ، غير مشوب حسَبه ، ولا ممزوج نسَبه ، ولا مجهول عند أهل العلم صفته .
بشّرت به الأنبياء في كتبها ، ونطقت به العلماء بنعتها ، وتأمّلته الحكماء بوصفها ، مهذّب لا يدانى ، هاشمي لا يوازى ، أبطحي لا يسامى ، شيمته الحياء ، وطبيعته السخاء ، مجبول على اوقار النبوَّة وأخلاقها ، مطبوع على أوصاف الرسالة وأحلامها ، إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها ، وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهاياتها ، أدّى محتوم قضاء الله إلى غاياتها ، يبشّر به كلّ أُمّة من بعدها .
ويدفعه كلّ أب إلى أب ، من ظهر إلى ظهر ، لم يخلط في عنصره سفاح ، ولم ينجّسه في ولادته نكاح ، من لدن آدم إِلى أبيه عبد الله ، في خير فرقة ، واكرم سبط ، وأمنع رهط ، وأكلأ حمل ، وأودع حجر ، اصطفاه الله وارتضاه واجتباه ، وآتاه من العلم مفاتيحه ، ومن الحِكم ينابيعه ، ابتعثه رحمةً للعباد ، وربيعاً للبلاد .
وأنزل الله إليه الكتاب ، فيه البيان والتبيان ، قرآناً عربيّاً غير ذي عوج لعلّهم يتّقون ، قد بيّنه للناس ونهجه بعلم قد فصّله ،ودين قد أوضحه ، وفرائض قد أوجبها ، وحدود حدّها للناس وبيّنها ، وأُمور قد كشفها لخلقه وأعلنها ، فيها دلالة إلى النجاة ، ومعالم تدعو إلى هداة .
فبلّغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما أُرسل به ، وصدع بما أُمر به ، وأدَّى ممّا حمّل من أثقال النبوّة ، وصبر لربّه ، وجاهد في سبيله ، ونصح لأُمّته ، ودعاهم إلى النجاة ، وحثّهم على الذكر ، ودلّهم على سبيل الهدى ، بمناهج ودواع أسّس للعباد أساسها ، ومنازل رفع لهم أعلامها ، كي لا يضلّوا من بعده ، وكان بهم رؤوفاً رحيماً ) .
خطبة الإمام الصادق ( عليه السلام ) عند استلامه مهمّة الإمامة
لمّا أفضي أمر الله تعالى إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، جمع الشيعة وقام فيها خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكّرهم بأيّام الله ، ثمّ قال ( عليه السلام ) :
( إِنّ الله تعالى أوضح بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه ، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه ، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ، فمن عرف من أُمّة محمّد ( صلى الله عليه وآله ) واجب حقّ إِمامه ، وجد طعم حلاوة إِيمانه ، وعلم فضل طلاوة إِسلامه ؛ لأنّ الله تعالى نصب الإمام علَماً لخلقه ، وجعله حجّة على أهل مواده وعالمه ، وألبسه تعالى تاج الوقار ، وغشاه من نور الجبّار ، يمدّ بسبب من السماء لا ينقطع عنه مواده ، ولا ينال ما عند الله إِلاّ بجهة أسبابه .
ولا يقبل الله أعمال العباد إِلاّ بمعرفته ، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى ، ومعميات السنن ، ومشتبهات الفتن ، فلم يزل الله تعالى مختارهم لخلقه ، من ولد الحسين ( عليه السلام ) من عقب كلّ إِمام إِماماً ، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ، ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم ، كلّما مضى منهم إِمام نصب لخلقه من عقبه إِماماً ، عَلماً بيّناً ، وهادياً نيّراً ، وإِماماً قيّماً ، وحجّة عالماً ، أئمّة من الله يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، حجج الله ودعاته ، ورعاته على خلقه ، يدين بهداهم العباد ، وتستهلّ بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التلاد .
جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها ، فالإمام هو المنتجب المرتضى ، والهادي المنتجى ، والقائم المرتجى ، اصطفاه الله بذلك ، واصطنعه على عينه في الذرّ حين ذرأه ، وفي البرية حين برأه ، ظلاً قبل خلق الخلق نسمة عن يمين عرشه ، محبواً بالحكمة في عالم الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره .
بقيّة من آدم ( عليه السلام ) ، وخيرة من ذرّية نوح ، ومصطفى من آل إِبراهيم ، وسلالة من إِسماعيل ، وصفوة من عترة محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، لم يزل مرعيّاً بعين الله يحفظه ويكلأه بستره ، مطروداً عنه حبائل إِبليس وجنوده ، مدفوعاً عنه وقوب الغواسق ، ونفوث كلّ فاسق ، مصروفاً عنه قوارف السوء ، مبرأً من العاهات ، معصوماً من الفواحش كلّها ، معروفاً بالحلم والبرّ في يفاعه ، منسوباً إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسنداً إليه أمر والده ، صامتاً عن المنطق في حياته ، فإذا انقضت مدّة والده إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيّته ، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى محبّة ، وبلغ منتهى مدّة والده ( صلى الله عليه وآله ) ، فمضى وصار أمر الله إليه من بعده ، وقلّده دينه ، وجعله الحجّة على عباده ، وقيّمه في بلاده ، وأيّده بروحه ، وآتاه علمه ، وأنبأه فصل بيانه ، ونصبه عَلماً لخلقه ، وجعله حجّةً على أهل عالمه ، وضياءً لأهل دينه ، والقيّم على عباده ، رضي الله به إِماماً لهم ، استودعه سرّه ، واستحفظه علمه ، واستخبأه حكمته ، واسترعاه لدينه ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأحيى به مناهج سبيله ، وفرائضه وحدوده .
فقام بالعدل عند تحيّر أهل الجهل ، وتحيير أهل الجدل ، بالنور الساطع ، والشفاء النافع ، بالحقّ الأبلج ، والبيان اللائح من كل مخرج ، على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه ( عليهم السلام ) ، فليس يجهل حقّ هذا العالم إِلاّ شقي ، ولا يجحده إِلاّ غوي ، ولا يصدّ عنه إِلاّ جريء على الله تعالى ) .
خطبة الإمام الصادق ( عليه السلام ) في رد شكوى بني العباس
لمّا دخل هشام بن الوليد المدينة أتاه بنو العباس ، وشكوا من الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا ، فخطب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فكان ممّا قال :
( إِنّ الله لمّا بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه والناصر له ، وأبوكم العباس وأبو لهب يكذّبان ويولّيان عليه شياطين الكفر ، وأبوكم يبغي له الغوائل ، ويقود إليه القبائل في بدر ، وكان في أوّل رعيلها ، وصاحب خيلها ورجلها ، المطعم يومئذٍ ، والناصب له الحرب ) .
ثمّ قال : ( فكان أبوكم طليقنا وعتيقنا ، وأسلم كارهاً تحت سيوفنا ، ولم يهاجر إِلى الله ورسوله هجرة قط ، فقطع الله ولايته منّا ، بقوله : ( الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء ) .
ثمّ قال : ( مولى لنا مات فخرنا تراثه ، إِذ كان مولانا ولأنّا ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأُمّنا فاطمة أحرزت ميراثه ) .