يحكى عن رجل كان يسكن مدينة كبيرة، كان كل يوم يركب الباص ليتوجه إلى عمله في أحد المصانع الكبيرة، وكانت رحلة الباص تستغرق خمسين دقيقة.
وفي إحدى المحطات التي يقف فيها الباص صعدت سيدة كانت دائما تحاول الجلوس بجانب النافذة. كانت تلك السيدة أثناء الطريق تفتح حقيبتها وتخرج كيساً ثم تمضي الوقت وهي تقذف شيئاً من نافذة الباص، وكان هذا المشهد يتكرر مع السيدة كل يوم.
أحد المتطفلين سأل السيدة: ماذا تقذفين من النافذة؟
فأجابته السيدة : اقذف بذور
قال الرجل: بذور!! بذور ماذا؟
قالت السيدة بذور ورود ، لأني أنظر من النافذة وأرى الطريق هنا فارغة ورغبتي أن أسافر وأرى الورود ذات الألوان الجميلة طيلة الطريق. تخيل كم هو جميل ذلك المنظر!!؟
قال الرجل: ولكن البذور تقع على الرصيف وتهرسها المركبات، وهل تظنين أن هذه البذور يمكنها أن تنمو على حافة الطريق؟!!
قالت السيدة: أظن أن الكثير منها سوف يضيع هدراً، ولكن بعضها سيقع على التراب وسيأتي الوقت الذي فيه ستزهر، وهكذا يمكنها أن تنمو.
قال الرجل: ولكن هذه البذور تحتاج إلى ماء لتنمو!
قالت السيدة: نعم، أنا أعمل ما علي، وهناك أيام المطر إذا لم أقذف أنا البذور، هذه البذور لايمكنها أن تنمو ثم أدارت راسها وقامت بعملها المعتاد، نثر البذور.
نزل الرجل من الباص وهو يفكر أن السيدة تتمتع بالقليل من الخرف.
ومضى الوقت...
ويوم من الأيام، وفي نفس مسلك الباص جلس نفس الرجل بجانب النافذة ورفع بصره فنظر الطريق فإذا تملأه الورود على جانبه.. وقال: ياه، كم من الورود، إنها كثيرة ما أجملها. أصبح الطريق جميلاً يمتع الناظر، معطر، ملون، يزهو بالورود والأزهار.
تذكر الرجل السيدة الكبيرة السن التي كانت تنثر البذور فسأل عنها بائع تذاكر الباص الذي يعرف الجميع السيدة الكبيرة السن التي كانت تلقي البذور من النافذة، اين هي؟!!
فكان الجواب/ أنها ماتت إثر نزلة صدرية الشهر الماضي.
عاد الرجل إلى مكانه وواصل النظر من النافذة ممتعاً عينيه بمنظر الزهور الرائع.
فكر الرجل في نفسه، وقال: الورود تفتحت، ولكن ماذا نفع السيدة الكبيرة السن هذا العمل؟
المسكينة ماتت ولم تتمتع بهذا الجمال.وفي نفس اللحظة سمع الرجل ابتسامات طفل في المقعد الذي أمامه من طفلة جلست كانت تؤشر بحماس من النافذة تقول: أنظر يا أبي، كم هو جميل الطريق!! يا إلهي. كم تملأ الورود هذا الطريق
الآن، فهم الرجل ما كانت قد عملته السيدة الكبيرة السن حتى ولو أنها لم تتمتع بجمال الزهور التي زرعتها فإنها سعيدة أنها منحت الناس هدية عظيمة
يالها من رسالة جميلة حقاً، ألق أنت أيضاً بذورك، لايهم إذا لم تتمتع أنت برؤية الأزهار، بالتأكيد أحد ما سيستمتع بها وينقل الحب الذي نثرته.
منقول للفائدة