رسالة sms
من طرف لم يغمض لها جفن ليلة البارحة وهي قد امضت ساعاتها قلقة بشأن هذا النهار ستقابله اليوم ستتعرف اليه ستحادثه سيصبح كل شيء حقيقة بعد ان كان كالحلم .نهضت من فراشها رغم ان اشعة الشمس لاتزال باهتة فهي لاتتمكن من مقاومة نعاس الفجر العنيد او الغيوم الركاميه التي تغطي السماء دوما .كانت تسير على بلاط شقتها ذاهبة ايبة تردد مع نفسها الكلمات الانجليزية التي ستستعين بها اولا في الوصول اليه والكلمات العربية التي ستحادثه بها . اخيرا امسكت حقيبتها وخرجت متجهة اليه .كان كل شيء غريب بالنسبة لها وقفت في محطة الباص ثم اقتربت من احدى الشقراوات وقالت لها بلغة انجليزية ركيكة تنم عن ان صاحبها ليس بريطانيا : عفوا هل تساعدينني كيف يمكنني الوصول الى مبنى albush hous )
طمئنتها تلك الفتاة التي استوقفت احدى سيارت الاجرة وركبت فيها كذلك سحر وانطلقت مسرعة نحو ذلك المبنى كانت الاثنتان صامتتين وسحر قلقة فالفتاة انجليزية كذلك السائق وسرعان ماتوقفت السيارة امام احدى البنايات الشاهقة والمؤلفة من عدة طوابق سالت سحر الفتاة عن المبلغ الذي يتوجب عليها دفعه فاعلمتها به سلمتها اياه تاركة السيارة لها وللسائق .وقفت امام تلك البناية وقالت : انه هنا في الطابق الرابع لهذه البناية !اجتازت عتبة الباب وما هي الا دقائق حتى اصبحت في الطابق الذي ترغب .هي الان تشعر بشيء من الثبات ذلك ان المتواجدين في هذا القسم اغلبهم عرب سمعت تلك اللغة الحبيبة يتحدثون بها فشعرت ان الدم تدفق في شرايينها .اين هو ؟ من من هؤلاء يكون ؟ اهذا ام ذاك ؟ هذا الطويل ام ذاك القصير ؟ هذا الابيض ام ذاك الاسمر ؟ حتى صوته الذي هو كل ماتعرفه عنه غاب عنها في ضجة تلك الاصوات المختلطة .اقتربت من احدى السيدات وسالتها بلغة عربية طلقة : عفوا اين يمكنني ان اجد الاعلامي بسام ؟ نظرت اليها السيدة وقالت : كان هنا قبل لحظات ربما لديه تسجيلا لبرنامج ما تستطيعين انتظاره هنا ان شئتي ذلك .جلست في تلك الصالة تراقب بعينيها كل من يمر من امامها وتستمع باذنيها الى العديد من الاصوات التي طالما سمعتها عبر المذياع فتمكنت من تخمين اصحابها . ثم نظرت فشاهدت تلك السيدة التي سالتها عنه تحادث رجلا وتشير بانظارها نحوها فعلمت انه هو !اخذت اعضائها بالارتجاف وتمنت لو انها تختفي او انها ما فعلت مافعلته اليوم اصلا ومما زاد في ارتباكها خطواته التي اخذت تدنو منها حتى توقف امامها وقال : عفوا اتسالين عني انا ؟
رفعت نظرها اليهواخذت تتفحص ملامحه وهي مندهشة , مذهوله , فرحة ,ثم اغمضت عينيها اردف وقال : عفوا من تكونين هلا اخبرتيني ؟ لقد ايقنت انه هو بعد ان سمعت صوته هذا الصوت الذي طالما شدى في اذنيها ولطالما ابكاها واسهرها الليالي , كانت لاترد عليه ليس الا تلك النظرة الواجمة الغير مصدقة ,فبدت عليه علامات الاندهاش ,قال متعجبا: ارجوك لايمكنك الصمت هكذا من تكونين وما الذي تريدينه مني ؟استجمعت قواها وقالت
- اتسمح لي بان اسرق من وقتك قليلا؟
- تفضلي
- هل نجلس
- لا مانع لدي
جلس الاثنان منفردين عندها قال
- هل لي ان اتعرف اليك ؟
-فتاة قطعت نصف العالم لتصل اليك !
ادهشه ردها
- ماذا !!
- لاتندهش وصدق ما اقول
- لكن من انت ؟
-ساكون من ترغب كما تشاء
- لا تحادثيني بالالغاز افصحي ارجوك
- اقسم اني كما قلت لك
- حسنا وماذا تبغين مني ؟
- اتسمح لي بان اكون جريئة
- ماذا ؟
- يجب ان اكون كذلك لاقول ما ساقوله
- اهو خطير لهذه الدرجة ؟
- بالنسبة لك ربما
-تكلمي ارجوك
- حسنا , ما الذي سيحدث هذه الليلة ؟
- هذه الليلة ؟
- اجل ما الحدث الذي يشغل العالم الان ؟
- انه ولادة عام جديد وغدا سنكون في حضرة عام اخر
- فانا اود اذن ان اقضي هذه الليلة معك
لم تكن دهشته توصف حين سمع ذلك منها
- ماذا!!
- الم اقل لك
صمت ولم يرد
- سترفض؟
- تتوقعين ذلك ؟
- ولم لا , ربما اني لست جميلة او انك على موعد مع احداهن
- لكني لن ارفض
- ستوافق اذن ؟
- كيف لاي رجل ان يرفض مثل هكذا دعوة
- حسنا سنلتقي مساءا هذا عنوان شقتي ساكون بانتظارك
غادرته منذهلا احقا ماكانت تقوله ام انها تمزح . اتجه نحو الاستوديو حيث سيخرج احد البرامج وهناك التقى احد زملائه
-بسام اين كنت نريد ان نقدم البرنامج
- حسنا هيا بنا
- مابك ؟
- لا شيء
اخرج البرنامج وهو على غير عادته لاحظ زميله ذلك وقال له
- بسام مابك هذا اليوم؟
- لا ادري نور لااعرف ما اقول
- ماذا هناك ؟
- لقد حدث معي قبل قليل امر غريب
- خير انشاء الله
- كانت هناك فتاة تسال عني
- فتاة ؟
- اجل شابة لا اعرفها من قبل
- الم تسالها عن ذلك
- سالتها بالطبع لكنها كانت تجيب بشيء من الغموض
- كيف
- سالتها عن اسمها هويتها فردت بالاتي : فتاة قطعت نصف العالم لتصل اليك
- ماذا ؟
- ماقالته
-لكن ما الذي تريده منك ؟
- فذلك الاغرب
- تكلم ارجوك
- انها ترغب في قضاء هذه الليلة معي
-ماذا !!
-طلبت ذلك بكل صراحة وكانت مستعدة لتقبل اي رد
- وماذا قلت لها ؟
- وافقت على طلبها
- ودون ان تعرف من تكون ؟
- اجل وجدت نفسي انطق بكلمات القبول دون تفكير
-هل كانت جميلة ؟
- فتاة عادية لكنها تبدو غريبه
- غريبه؟
- اجل في تصرفها معي انها تعرفني لكن من اين لا ادري
- ماذا تظن؟
- لا ادري لكن ايمكن ان يكون مقلبا من احد الاصدقاء ليسخر مني هذه الليلة
- احدث هذا معك من قبل
- لا
-ترى من تكون ؟ لكن هل ستذهب حقا ؟
- لاادري ماذا تقول انت ؟
- اين سيكون لقائكما؟
- في شقتها
- لماذا ؟ كان المفروض في شقتك من يدري من تكون
- تعني الا اذهب
- بل يجب ان تذهب على الاقل لتكتشف امرها
- حسنا لكن من فضلك نور ليكن الامر سرا بيننا على الاقل ريثما تتبين لنا الحقيقة
- كن مطمئنا من هذه الناحية
مرت الساعات عليه وهو قلق انهى عمله وعليه التوجه الان نحو فتاته , ركب سيارته وانطلق نحوها وقد اكتنفته مشاعر عدة من تكون تلك الفتاة ياترى ؟ هل سلطها احدهم عليهان كا ذلك ماحدث فلن يغفر لمن فعلها .وصل الى حيث يقصد اركن سيارته جانبا امام احدى العمارات وغادرها قاصدا مبتغاه . مضت دقائق ثم فتح الباب والتقى الوجهان مرة اخرى
- مرحبا
تبسمت في وجهه وقالت : تفضل كنت اخشى الا تاتي
دخل وهو حذر تارة يلتفت يمينا واخرى يسارا ثم جلس على احد المقاعد فيما جلست هي قبالته كان ينظر اليها باندهاش لقد بدت واحدة اخرى فتاة جميلة جذابة ,لكنه سرعان ما يرفع نظره عنها ليديره في ارجاء الشقة , ادركت ما يشعر به ابتسمت وقالت
- شقتي صغيرة للغاية غرفة وصالة تستطيع ان تفتشها في غضون دقائق لتجلس مطمئنا !!
استغرب كيف لها ان عرفت مايجول في خاطره ضحك وقال دعي ذلك مفاجئة
اقتربت منه وقالت
- لا تقل انك تناولت عشائك خارجا
-لا
-حسنا في غضون دقائق سيكون العشاء جاهزا
تركته واتجهت نحو المطبخ لم يفضل الجلوس وحيدا لحق بها
- جئت ورائي فذلك رائع حقا
سحب احد المقاعد وجلس حول المائدة فيما كانت هي تضع الاطباق عليها وحين انهت ذلك جلست قبالته
- اتمنى ان يعجبك الطعام
كان ينظر اليها صامتا
- مابك لملا تاكل ؟
- كلي انت اولا
اطلقتها ضحكة عالية وقالت : تعتقد ان الطعام مسموم ثم انهمكت في الضحك : يا لله كم يبدو الامر مضحكا بعد كل هذا العناء وبعد ان تمكنت من الوصول اليك اسمك في اول عشاء لي معك !!انظر الي جيدا
وبدات بتناول لقمة من كل طبق حتى اتت على الاطباق كلها
- والان هل اطمئن قلبك
- ان كيدكن عظيم !!
- كل يا حبيبي ستنتهي ساعات الليل وسنفترق
-من انت ؟
- ثانية
- لقد حيرتيني
- من ترغب ان اكون
- هل ارسلك احدهم ليصنع لي مقلبا ؟
- اقسم لا
- هل تعرفينني من قبل ؟
-اجل منذ ثلاث سنوات
- لكن لملا اعرفك انا
- لاننا لم نلتق من قبل
- وكيف تعرفينني اذن ؟
- كنت اتابع كافة برامجك
- انت معجبة
- بل مغرمة
- من اين جئتي
- من اخر الدنيا
- تتكلمين والا
- والا ماذا
- ساغادر
- افعلها ان اردت
- تظنين اني لا اقدر , حسنا اسمك على الاقل
- ما الذي يعرونق الحرف من اسمي سنفترق عند الصباح
- من سلطك علي
- القدر
- لكن لماذا
- لانه احس بالشفقة نحوي كنت طوال تلك السنين الثلاث اقضي فيهن ليلة الميلاد باكية لاني لا اقضيها معك
تناولا عشائهما وبعد ان انهيا ذلك قال
- حسنا ساخذ حماما الان
استغرق دخوله الحمام دقائق خرج بعدها مخفيا شعره ووجهه بالمنشفة دخل غرفتها فكانت المفاجئه , ضوء خافت , موسيقى هادئة تشدو بها الجدران ثم تلك الحسناء التي تجلس امام المراة والتي قفزت حالما راته واحتظنته بشغف وقالت
- احلما هذا ام حقيقة خبرني بالله عليك
لقد احس بصدق مشاعرها تلك اللحظة كان يستمع الى نبضات قلبها الملتصق بصدره كانت نبضات سريعة مظطربة ثم نظر في عينيها فراى الما مضا راى معاناة قاسية راى حبا عميقا وحرمانا فظيعا , تبسم في وجهها وقال
- الا زلتي تظنينه حلما
- بدات استوعب الحقيقة
- والان الن تخبريني ما اسمك
- مصر على ذلك
- اجل
سحبت جسدها من احضانه وقالت
- اعلم انك تعشق فيروز لكنك بالمقابل تهوى عبد الحليم فبمن تحب ان يشدو جهاز التسجيل
- ساترك الاختيار لك
- وستثق بما اختار
- لا شك في ذلك
- سيشدو اذن بصوت عبد الحليم
نظر اليها وابتسامة راضية تعلو وجهه تقدمت نحوه وطوقت رقبته بذراعيها واخذت تراقصه
- هيا تكلمي
- وماذا اقول
- تقولين ما اسمك
- الهذه الدرجة يبدو اسمي مهما بالنسبة لك
- وكيف اناديك اذن
-حسنا اسمي سحر هل اعجبك
- عيناك غابتا نخيل ساعة السحر ! اسم عادي لا يستحق ان تخفيه عني
- لم يعجبك اذن حسنا سمني كما تشاء اختر لي اسما يعجبك
- انا امزح معك انه اسم جميل وشاعري ايضا
- هل اسالك سؤالا تجيبني عليه بصراحة
- اسئلي
- الديك معجبات غيري
- اثنتان فقط واحدة تمدك بصلة قرابة
- ماذا ؟
- هي من نفس البلد الذي انت منه اسمها سهير اما الاخرى فهي من بلد ثان ولا اعرف اسمها
- لاتكن كاذبا
- اقسم كانت تلقب نفسها بعاشقة لندن
- كثرت معجباتك صرنا ثلاثة لكن هل تستطيع ان تخمن من منا تحبك اكثر
- لكن دون زعل
- لن ازعل
- كما اشعر انا وربما ان شعوري ليس صحيحا ان من تحبني اكثر هي سهير
- وكيف عرفت
- كلماتها صادقة اشعر انها انسانة مميزة رائعة فهمتني رغم اننا لم نلتق من قبل كانت تكتب لي وكاننا عشنا زمنا معا تعرف ما احب وما اكره وما اشعر به بطريقة غريبة اسف هل ازعجك ردي هذا
- ابدا لكن لا اعتقد انها تحبك اكثر مما احبك انا
- ربما من يدري على العموم الايام ستكشف ذلك
- الايام ! اي ايام لا تنس اننا سنفترق عند الصباح
- اذن ما الذي افادك مما حدث
- حققت حلمي وامضيت ليلة الميلاد معك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حل الصباح استيقض هو باكرا ثم ايقضها
- صباح الخير
-صباح الخير متى استيقضت؟
-قبل قليل اتهضي وجهزي الفطور
مرت دقائق وجلس الاثنان يتناولان فطورهما عندها قال
- حسنا ساذهب الان
- تذهب ؟؟
تبسم في وجهها وقال : لاتخافي ساعود عند الضهر
- احقا ذلك
- بالتاكيد فبعد الذي حدث ليلة امس تظنين اني ساتركك بسهولة
- سعدت معي ليلة البارحة
- كانت ليلة رائعة كالحلم
-ان ذلك يفرحني حقا
- سحر اصدقيني القول ما الذي جرى
- ماذا تقصد ؟
- الذي حدث امرا مدبرا ام عاديا ؟
- مدبرا بالتاكيد
- من قبل من ؟
- من قبلي انا
- لكن لماذا ؟
- لاني احبك
- فقط؟
- اجل لاشيء اخر
- لكني لا اكاد اصدق تدخلين حياتي بهذه الطريقة الغريبة وتجعلينني اعيش اسعد ليلة , ايعقل هذا اعطيني تفسيرا معقولا
- انت لاتثق بالاخرين
كان ينظر اليها صامتا محتارا
- لكن لم تخبرني الى اين انت ذاهب ؟
- الى الاذاعة
- لكن اليست اليوم عطلة رسمية؟
- للسعداء فقط اما الاعلاميون فهم الاتعس من بين الفئات العاملة في المجتمع
- ماذا في حقيبتك من اخبار كيف يبدو العالم هذا الصباح
- مقرف حروب , قتلى , ارهاب
- الاعلاميون لاتسعدهم الا الانباء التعيسة !
ضحك وقال : انها تهمة لاغير , بالمناسبة هناك امر اود طرحه
- ماهو ؟
- هل نقضي هذه الليلة في شقتي
- شقتك ؟
- اجل بصراحة لست معتادا على سواها كما انها شقة واسعة سترتاحين فيها صدقيني
- لامانع لدي
- عند الضهر ساصطحبك الى هناك
- وساكون بانتظارك
- الى اللقاء الان
- الى اللقاء
كان طوال الوقت يفكر بالذي حدث كيف جائت هذه الفتاة وكيف دخلت حياته بهذه الطريقة الغريبة وصل الى مقر عمله وهناك التقى نور
- بسام كنت في انتظارك
- اهلا نور
- دعني اتفحصك اولا هل انت سليم البدن
ضحك وقال : اطمئن انا سليم ولم يصبني شيء مؤذ
- ما الذي حدث احكي لي
- لاادري نور لا اكاد اصدق
- تكلم لاتشوقني اكثر هل عرفت من تكون
- فتاة اسمها سحر تقول انها مغرمة بي منذ ثلاث سنوات وانها كانت تحلم بقضاء ليلة الميلاد معي
- هذا فقط !
- اجل
- وصدقتها
- اجل , فلو انك رايت الذي رايته او سمعت الذي سمعته لصدقتها
- وما الذي رايته او سمعته ؟
- رايت معاناة قاسية , رايت حبا عميقا , رايت حرمانا , كنت استمع الى نبضات قلبها الملتصق بصدري كانت نبضات سريعة مضطربه
- يبدو انها تمكنت منك فعلا
- لا تنظر للصورة بمنظار اخر
- هذا يعن انك لن تتركها اذن تحمل مسؤلية ماسيحدث لك
- ما الذي يدور في ذهنك ؟
-من يدري من تكون تلك الفتاة اليس محتملا ان تكون ارهابية تخطط لامر ما
-لا اعتقد ذلك
-لكن لماذا ؟ ما الذي يجعلك تثق بها لهذا الحد ؟
-لانها لو كانت كذلك لشعرت بها انها تحبني بصدق للذلك ينبغي ان احافظ عليها
-تحافظ عليها ؟
- اجل لانها انسانة مميزة تصور نور اني كنت الرجل الاول في حياتها
- ولذاك انت متمسك بها لم لم تقل ذلك من البداية
انهى عمله وغادر مبنى الاذاعة متجها نحو فتاته التي مان اوصل اليها حتى اصطحبها معه لشقته
- مارايك ؟
- انها شقة جميلة وواسعة
- الم اقل لك , تعالي اطلعك على غرفها , هذه غرفة نومي , وهذه غرفة المكتب هذا المطبخ ومن هنا الحمام
- فعلا جميلة لكن بسام من يقوم بترتيبها انت ؟
- ومن اذن وانا لازلت عازبا
- انها مرتبة ترتيبا كانه تم على يد امراة
- انا احب الترتيب واكره الفوضى ضعي ذلك في حساباتك , والان جهزي لنا الغداء
- اين تاكل كل يوم ؟
- في المطاعم , انا محترف الاكل في تلك الاماكن
تناولا الغداء وامضا معها ثلاث ساعات
- حسنا ساذهب الان
- الى الاذاعة ايضا ؟
- اصبحتي لاترحبين بذلك نسيتي جلوسك الى جانب المذياع في انتظار الاستماع لصوتي !
اندهشت لما قاله : كيف عرفت ذلك ؟
- كنت اراكي !!
- تراني ؟؟
ضحك وقال : كان كلامي صحيحا اليس كذلك
ردت بخجل : بالرغم من عظم السعادة التي كنت اشعر بها عندما استمع الى صوتك الا ان الشعور المض الذي ينتابني حينما ينتهي برنامجك كان لايترك لتلك السعادة طعما
- لماذا ؟
- لاني عندها ادرك كم انت بعيد وكم انا واهمة
- لكن القدر كان الى جانبك وحقق لك ماكنتي تتمنين
- وساحمد الله ماحييت على ذلك
- ساذهب الان وساحاول الا اتاخر , سلي نفسك بالقراءة تتمكنين من استعمال مكتبتي انها مكتبة غنية بالكتب القيمة ام انك لاتحبين القراءة ؟
- بل احبها شكرا سيسعدني ذلك حقا
- الى اللقاء الان
- الى اللقاء
لم يحاول فتح الموضوع مع نور ثانية وقرر ان يكون الامر سرا يحتفظ به لنفسه ومسؤلية يتحمل نتائجها هو ,ساله نور عنها فاخبره انها غادرت وقد فعلت ذلك بمحض ارادتها .
انهى عمله وعاد الى شقته باكرا على غير عادته فهو على مايبدو انسانا متحفظا لايشغله سوى عمله وقلمه فهو على الدوام اما في المبنى الاذاعي او في مكتبه بين كتبه ومؤلفاته . وصل شقته دخل اليها واتجه نحو المطبخ فوجدها تجلس حول الطاولة وامامها طبق السلطة الذي تقوم باعداده قفزت حالما راته وقالت
- اهلا متى عدت ؟
- قبل لحظات كيف حالك ؟
- بخير
سحب مقعدا وجلس عليه
- كيف امضيتي الوقت ؟
- بالقراءة
- ذلك جيد , واي كتاب قراتي ؟
- ديك الجن الحمصي
- اعجبك ؟
- يبدو كالاسطورة
ثم نهضت لتضع الاطباق على الطاولة وهي مستمرة في الحديث معه
- اعجبتك مكتبتي ؟
- انها مكتبة ضخمة كيف جمعت هذه الكتب ؟
- لقد جمعتها السنين مذ كنت في الخامسة عشرة وانا اشتري كتابا كلما اصبح ثمنه في متناول يدي
جلست من جديد وبدءا يتناولان الطعام عندها باغتته بسؤال
- كم عمرك ؟
- ماذا ؟
- تخشى قول ذلك
-اخشاه !!عمري اربعين عاما لازلت شابا !!
- وهذا الفجر الذي اشرق في ذوائبك
- في انا متى حدث ذلك ؟
- انا امزح معك لكنك خفته كثيرا
- بالتاكيد فهو نذير مريع
- ما الذي تخشاه ان يضيع منك ؟
- العمر بكامله دون ان احقق شيء
- ولملا تستغله ؟
- ربما لاني قليل الحظ اخشى التجربة
- ماهي احلامك بسام ؟
- ان اصبح شاعرا معروفا
- فقط ؟
- اجل
- وتمضي حياتك وحيدا ؟
- ماذا تقصدين ؟
- دون زوجة واطفال
- لاافكر في ذلك الان ليس قبل ان احقق حلمي لاني ان فعلت ذلك ينبغي الا افكر في شيء اخر
- لماذا؟
- لان الزواج مبيد لكل ماهو جميل !!
-لم انت متشائم لهذا الحد
- لان كل من جربه حذرني منه
- كلهم ؟
-اغلبهم , اصبتك بالاحباط ؟
- لا
- اذن تتفقين معي
- اجل
- ذلك رائع سنصبح صديقين مميزين اليس كذلك ؟ سنعيش معا لكن دون ان يتحكم احدنا بالاخر لم اكن اتوقع ان التقي بفتاة تفكيرها هكذا
- لقد لقنتني الحياة دروسا بليغة
- من يسمعك يقول انك في السبعين ماذا رايتي من الحياة وهي لم تفتح لك سوى نافذة واحدة من نوافذها العديدة لازالت الحياة امامك وسترين منها العجب
- ها انت تتحدث مثلي وكانك في السبعين
- لقد اصبحت عجوزا وان كان قبل الاوان
- تكبرني بخمس عشرة سنة
- ليس كثيرا لا تدعي ذلك يؤثر في شعورك نحوي
- بالطبع لن يحدث
- لنعود للحياة مرة اخرى ولمسئلة الزواج بالذات فماذا لو كنت ارحب بهذه الفكرة وقد عرضتها عليك الان هل ستوافقين ؟
- اجل
- لماذا ؟
- لاني احبك , هذه الكلمة تستطيع ان تقلب نظام الكون ليست افكار انسان ستعرف ذلك حينما تغرم
- انا ؟؟
- اجل من يدري
- وبهذه السن
- وباكبر الحب لا يعرف عمرا محددا ولا شخصا معينا كالموت تماما هكذا اي شخص واي عمر , بسام هناك امر اود طرحه
- ماذا ؟
- لقد وجدتمجموعة من الرسائل والبطاقات البريدية في مكتبتك
- رسائل ؟
- اجل من سهير
- هل اطلعتي عليها ؟
- لم اتمكن من منع فضولي سامحني
- كيف وجدتي كلماتها ؟
- رائعة انها انسانة مميزة كما قلت وتحبك بصدق
- كيف تقولين ذلك ؟
- لانها الحقيقة
- فانت مميزة ايضا
- انا ؟
- اجل في كل شيء صدقيني
- شكرا لهذا الاطراء لكني قد لا اصل مرتبتها في ذلك
- ماذا تقصدين ؟
- لقد احتلت في نفسك منزلة كبيرة
- لانها اديبة ليس الا
- اديبة ؟
- اجل انها كاتبة كانت ترسل لي القصص التي تكتبها ومن ثم تطلب راي
- وما رايك فيما تكتب ؟
- ان كتاباتها رائعة واتوقع لها مستقبلا تستطيعين ان تقراي قصصها انها في المكتبة
- سافعل ذلك
- برغبة ام بدونها ؟
- برغبة , اريد ان اتعرف الى تلك التي تمكنت من قلبك
- الفنان من الصعب فهمه اذ لايفهمه الا من كان مثله , مابك لم اكتئبتي هكذا ؟
- لم اكتئب
دنا منها وضم كفيها بين كفيه وقال
- رغم اننا لم نلتق الا منذ يومين الا اني اشعر اننا اصبحنا اصدقاء فعلا
- لم افكر في ان احتل مكانتها عندك فلست طماعة
- صدقيني مكانتك عندي كبيرة وكفاني ان كنت الرجل الاول في حياتك
- لست اول رجل في حياتي فقط بل اول واخر حبيب فيها وقلبي لم ولن ينبض بالحب لغيرك
- كفي الان واريني ابتسامتك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دقت الساعة معلنة تمام السابعة صباحا وكان كل من بسام وسحر قد استعدا للذهاب الى عملهما
- هلا اخبرتيني اي مدرسة تفتح ابوابها بمثل هذه الساعة ؟
- ومن قال اني ذاهبة الى المدرسة ؟
- والى اين اذن ؟
- الى شقتي
- شقتك؟
- اجل وماذا اذن اهجرها واعيش معك
- ولم لا
- بسام اتفقنا الا يتحكم احدنا بالاخر
- لم تسمين ذلك تحكما
- لشد ما اكره ان يتحكم في احد
- هيا بنا اذن
اوصلها الى شقتها واتجه نحو عمله , امضت ساعة او اقلها ثم اتجهت نحو المدرسة التي تعمل فيها , كانت تشعر بالحزن والكابة ذاك النهار ومرت عليها ساعات العمل ثقيلة ولم تصدق حينما انتصف النهار وحان موعد مغادرتها حملت حقيبتها وعادت الى شقتها لا تعرف لم ياسرها الحزن هذا اليوم ؟ لماذا تحدثت مع بسام بتلك اللهجة صباحا ؟بكت كثيرا ودون ان تعرف سببا معينا لبكائها اهي الغربة ؟ ام الندم؟
حل المساء بعد ان انكتها ساعات النهار رن جرس الباب واذا به بسام
- مرحبا
- اهلا تفضل
جلسا معا حيث قال
- مابك ؟
- لاشيء
- لاتبدين طبيعيه
- متعبة قليلا
- وهل يستوجب ذلك البكاء ؟
- ماذا ؟
- عيناك تشكيان الدموع ما الذي ابكاك ؟
لاشيء كنت متضايقة قليلا
- منذ الصباح وانت على غير مايرام لماذا ؟ هل ازعجتك في شيء ليلة البارحة ؟
- اطلاقا لم تفعل ذلك
- اغتصبتي نفسك على المبيت معي ؟
-كيف تقول ذلك , بسام كل مافي الامر اني متعبة قليلا , هل اجهز العشاء
- العشاء بمثل هذا الوقت الباكر
- كي لا تتاخر في العودة
- العودة ! هذا يعني اني لن اقضي الليلة هنا
- اسفة لكن كما ترى متعبة كثيرا
- كنت قد احضرت معي المجموعة الشعرية التي نظمتها مؤخرا كي اسمعك اياها
- دع ذلك لوقت اخر
-مصرة ؟
- اجل
- حسنا ساذهب الان
- الن تتناول العشاء
- لا تناوليه بمفردك لا اريد ان اثقل عليك فيبدو انك بحاجة للانفراد بنفسكو الى اللقاء تصبحين على خير
- تصبح على خير
خرج بسام تاركا اياها في حيرة بكت وذرفت دموعا فاقت تلك التي ذرفتها عند النهار لماذا تتصرف معه هكذا ؟ لماذا تتلاعب بهذا الحلم الذي تحول الى حقيقة ؟ فتحت النافذة واخذت تتطلع الى السماء المغطاة بالغيوم لكنها فوجئت بالنافذة المقابلة وقد طل منها الاستاذ عادل المدرس الذي يعمل معها في نفس المدرسة , لم تدر كيف تتصرف هل تبقى عند النافذة ام تتغلقها ؟ غير انها قررت ان تبقي عليها مفتوحة وتبتعد هي .
لم تكن سحر تعرف ماتشعر به كل ماتعرفه هو انها في هذه الساعة من الليل تشعر بحاجتها للبكاء ثانية , نظرت الى النافذة التي ماتزال مفتوحة وتيار هواء بارد يمر خلالها نهضت تجاهها قاصدة اغلاقها والقت نظرة على النافذة المقابلة فكانت مفتوحة لكن دون ان يطل من خلالها احد .
حل الصباح اتجهت نحو مدرستها كانت تسير صامتة ساهمة فهي حديثة العهد بهذا البلد تكتشف الاشياء ببطء وحذر
وصلت الى المدرسة واتجهت نحو الفصل الذي ستلقي فيه اولى حصصها وبعد انتهاء تلك الحصة اتجهت نحو غرفة الاستراحة فشاهدت الاستاذ عادل يقف على مسافة منها وما ان اقتربت خطاها منه حتى قال
-صباح الخير
- صباح الخير
- هل لي ان اتكلم معك قليلا
- تفضل
- بالنسبة للذي حدث ليلة امس
- ليلة امس ؟
- اجل النافذة , اخشى ان اكون قد سببت لك ازعاجا ربما كنت تودين الوقوف عند النافذة فحرمتك من ذلك
-لا ابدا
- النافذة ملكك والكون ملك الجميع
- ذلك اكيد
- اذن سيقف كل منا عند نافذته دون ا ن يؤثر على الاخر اتفقنا
- اتفقنا , حسنا اسمح لي بالانصراف الان
- تفضلي
انهت عملها وغادرت المدرسة متجهة نحو بسام ف شقته غير انها لم تجده هي تشعر بالكابة فهي تشعر ان الشوق اليه سيفتك بها مرت عليها ساعات النهار قاسية ولم تصدق ان المساء حل خرجت مسرعة اليه وهي خائفة من ان يكون الى الان في الاذاعة , لكنها وجدته , القت جسدها في احضانه حالما فتح لها الباب
- بسام كم اشتقت اليك حبيبي
- سحر مابك
سحبت جسدها من بين احضانه وقالت
- اسفة للذي حدث ليلة امس
- لا تتاسفي لم يحدث مايستحق ذلك
- لم تغضب مني اذن ؟
- اطلاقا لم افعل
- بصراحة كنت سخيفة معك
- ابدا كنتي متضايقة وحسنا ما فعلتي لان من يشعر بالضيق لا ينفعه الا الاختلاء بنفسه
- كم انت رائع
- ماذا !!
- انت انسان بمعنى الكلمة كما تخيلتك تماما
- وهل تخيلتني بهذا الشكل ؟
- ماذا تقصد ؟
- تخيلتي اني لست وسيما ؟
- ومن قال انك لست وسيم ؟
- لان قامتي ليست طويلة ولا املك منكبين عريضيين
- بسام انا لا ابحث عن قامة طويلة ولا عن منكبين عريضين انا ابحث عن انسان ,فكر نير وشخصية قوية
- وهل وجدتي ذلك في ؟
- اجل , هل نخرج ؟
- نخرج , الى اين ؟
- اريد ان اتمشى معك الان
- نتمشى بمثل هذا الطقس المثلج ؟
- اجل هيا ارجوك
- دعي ذلك لنهار الغد
- لا اريد عند النهار انا افضل الليل بطريقة مقصودة
- كيف افهميني
- ارغب ان اجوب الشوارع حين يغرق الناس في النعاس
- هربا منهم ؟
- اجل
- لكن لماذا ؟
- لاني اكره البشر , سواك
- البشر ليسوا وحوشا
- بل وحوش وافظع
- سحر لاينبغي ان تفكري هكذا
- ارجوك كفى ودعنا نخرج
- حسنا هيا بنا
خرجا يتمشيان في ذلك الطقس المثلج يحتظنان بعضهما بقوة وكأن كل واحد منهما وجد ضالته في الاخر
- بسام احقا انك لم تنزعج مني ليلة امس ؟
- ربما قليلا
تهلل وجهها
- احقا ذلك ؟
- انظري في عيني وانت تعرفين
تعانقت نظراتهما ثم ارتمت في احضانه
- كم احبك بسام احقا انك لاتدرك ذلك
- بل ادركه صدقيني كما ان هناك امر اخر يجب ان تعرفينه
- ماهو؟
-اصبحتي شيء مهم في حياتي
- احقا ماتقول؟
- اقسم , لكن عديني ان تغيري من نظرتك للحياة
- كيف ؟
- تتقبلينها بحلوها ومرها
- واين هو حلوها انا لم اذق الا المر منها
- وكرهك وبغضك للناس
- لانهم الشيء الاكثر مرارة في الحياة
- لااريدك ان تفكري هكذا عديني بذلك
- اعدك
- والان هل نعود
- حسنا هيا بنا
عادا الى شقته سعيدين هي تشعر بالسعادة لانه قال لها انها اصبحت شيء مهم في حياته وهو يشعر بالسعادة لانه تاكد انها انسانة مميزة تحبه بصدق واستبعد مخاوف وشكوك نور من راسه تماما
- هل تسمعني المجموعة الشعرية التي ذكرت؟
- بكل سرور
تناول تلك الاوراق واخذ يسمعها القصيدة تلو الاخرى
- ما رايك؟
- كم هي رائعة انك شاعر متمكن
- ليست مجاملة ؟
- اطلاقا ويالعجبي انك لم تشتهر بعد
- الم اقل لك اني سيء الحظ
- لاتقل ذلك تفائل وستجد الخير امامك , كيف تنظم القصيدة هكذا ؟
- وكيف تتكلمين انت
- تقارن الكلام بالشعر
- فهو كذلك
- الكلام لاموزون ولا مقفى كلمات مرسلة , لاتحاول ان تقنعني
كان ينظر اليها بتمعن
- مابك لم تنظر الي هكذا ؟
- يزعجك ذلك ؟
- لا لكن اتسائل فقط
- افكر في نظم قصيدة
- وتستوحي مضمونها من هذه الملامح ؟
- الن توافقي
- ليس كذلك لكن قد لاتنفعك
- لماذا ؟
- لانها ملامح بائسة
- لكني لا اراها كذلك غير انها متحفظة قليلا
- لملا تختار ملامح واحدة اخرى ؟
- من تقصدين ؟
- اي واحدة غيري
- تتمكنين من تحديدها ؟
- سهير مثلا
- لا لن تكون
- ولماذا ؟
- لاني اخترت الملامح وانتهى الامر
- انت حر لكني نصحت لك
- وانا شاكر لك تلك النصيحة وسترين انها ستكون من اروع القصائد واجملها
- حسنا سانتظر وسارى
وللحكاية بقية
-
طمئنتها تلك الفتاة التي استوقفت احدى سيارت الاجرة وركبت فيها كذلك سحر وانطلقت مسرعة نحو ذلك المبنى كانت الاثنتان صامتتين وسحر قلقة فالفتاة انجليزية كذلك السائق وسرعان ماتوقفت السيارة امام احدى البنايات الشاهقة والمؤلفة من عدة طوابق سالت سحر الفتاة عن المبلغ الذي يتوجب عليها دفعه فاعلمتها به سلمتها اياه تاركة السيارة لها وللسائق .وقفت امام تلك البناية وقالت : انه هنا في الطابق الرابع لهذه البناية !اجتازت عتبة الباب وما هي الا دقائق حتى اصبحت في الطابق الذي ترغب .هي الان تشعر بشيء من الثبات ذلك ان المتواجدين في هذا القسم اغلبهم عرب سمعت تلك اللغة الحبيبة يتحدثون بها فشعرت ان الدم تدفق في شرايينها .اين هو ؟ من من هؤلاء يكون ؟ اهذا ام ذاك ؟ هذا الطويل ام ذاك القصير ؟ هذا الابيض ام ذاك الاسمر ؟ حتى صوته الذي هو كل ماتعرفه عنه غاب عنها في ضجة تلك الاصوات المختلطة .اقتربت من احدى السيدات وسالتها بلغة عربية طلقة : عفوا اين يمكنني ان اجد الاعلامي بسام ؟ نظرت اليها السيدة وقالت : كان هنا قبل لحظات ربما لديه تسجيلا لبرنامج ما تستطيعين انتظاره هنا ان شئتي ذلك .جلست في تلك الصالة تراقب بعينيها كل من يمر من امامها وتستمع باذنيها الى العديد من الاصوات التي طالما سمعتها عبر المذياع فتمكنت من تخمين اصحابها . ثم نظرت فشاهدت تلك السيدة التي سالتها عنه تحادث رجلا وتشير بانظارها نحوها فعلمت انه هو !اخذت اعضائها بالارتجاف وتمنت لو انها تختفي او انها ما فعلت مافعلته اليوم اصلا ومما زاد في ارتباكها خطواته التي اخذت تدنو منها حتى توقف امامها وقال : عفوا اتسالين عني انا ؟
رفعت نظرها اليهواخذت تتفحص ملامحه وهي مندهشة , مذهوله , فرحة ,ثم اغمضت عينيها اردف وقال : عفوا من تكونين هلا اخبرتيني ؟ لقد ايقنت انه هو بعد ان سمعت صوته هذا الصوت الذي طالما شدى في اذنيها ولطالما ابكاها واسهرها الليالي , كانت لاترد عليه ليس الا تلك النظرة الواجمة الغير مصدقة ,فبدت عليه علامات الاندهاش ,قال متعجبا: ارجوك لايمكنك الصمت هكذا من تكونين وما الذي تريدينه مني ؟استجمعت قواها وقالت
- اتسمح لي بان اسرق من وقتك قليلا؟
- تفضلي
- هل نجلس
- لا مانع لدي
جلس الاثنان منفردين عندها قال
- هل لي ان اتعرف اليك ؟
-فتاة قطعت نصف العالم لتصل اليك !
ادهشه ردها
- ماذا !!
- لاتندهش وصدق ما اقول
- لكن من انت ؟
-ساكون من ترغب كما تشاء
- لا تحادثيني بالالغاز افصحي ارجوك
- اقسم اني كما قلت لك
- حسنا وماذا تبغين مني ؟
- اتسمح لي بان اكون جريئة
- ماذا ؟
- يجب ان اكون كذلك لاقول ما ساقوله
- اهو خطير لهذه الدرجة ؟
- بالنسبة لك ربما
-تكلمي ارجوك
- حسنا , ما الذي سيحدث هذه الليلة ؟
- هذه الليلة ؟
- اجل ما الحدث الذي يشغل العالم الان ؟
- انه ولادة عام جديد وغدا سنكون في حضرة عام اخر
- فانا اود اذن ان اقضي هذه الليلة معك
لم تكن دهشته توصف حين سمع ذلك منها
- ماذا!!
- الم اقل لك
صمت ولم يرد
- سترفض؟
- تتوقعين ذلك ؟
- ولم لا , ربما اني لست جميلة او انك على موعد مع احداهن
- لكني لن ارفض
- ستوافق اذن ؟
- كيف لاي رجل ان يرفض مثل هكذا دعوة
- حسنا سنلتقي مساءا هذا عنوان شقتي ساكون بانتظارك
غادرته منذهلا احقا ماكانت تقوله ام انها تمزح . اتجه نحو الاستوديو حيث سيخرج احد البرامج وهناك التقى احد زملائه
-بسام اين كنت نريد ان نقدم البرنامج
- حسنا هيا بنا
- مابك ؟
- لا شيء
اخرج البرنامج وهو على غير عادته لاحظ زميله ذلك وقال له
- بسام مابك هذا اليوم؟
- لا ادري نور لااعرف ما اقول
- ماذا هناك ؟
- لقد حدث معي قبل قليل امر غريب
- خير انشاء الله
- كانت هناك فتاة تسال عني
- فتاة ؟
- اجل شابة لا اعرفها من قبل
- الم تسالها عن ذلك
- سالتها بالطبع لكنها كانت تجيب بشيء من الغموض
- كيف
- سالتها عن اسمها هويتها فردت بالاتي : فتاة قطعت نصف العالم لتصل اليك
- ماذا ؟
- ماقالته
-لكن ما الذي تريده منك ؟
- فذلك الاغرب
- تكلم ارجوك
- انها ترغب في قضاء هذه الليلة معي
-ماذا !!
-طلبت ذلك بكل صراحة وكانت مستعدة لتقبل اي رد
- وماذا قلت لها ؟
- وافقت على طلبها
- ودون ان تعرف من تكون ؟
- اجل وجدت نفسي انطق بكلمات القبول دون تفكير
-هل كانت جميلة ؟
- فتاة عادية لكنها تبدو غريبه
- غريبه؟
- اجل في تصرفها معي انها تعرفني لكن من اين لا ادري
- ماذا تظن؟
- لا ادري لكن ايمكن ان يكون مقلبا من احد الاصدقاء ليسخر مني هذه الليلة
- احدث هذا معك من قبل
- لا
-ترى من تكون ؟ لكن هل ستذهب حقا ؟
- لاادري ماذا تقول انت ؟
- اين سيكون لقائكما؟
- في شقتها
- لماذا ؟ كان المفروض في شقتك من يدري من تكون
- تعني الا اذهب
- بل يجب ان تذهب على الاقل لتكتشف امرها
- حسنا لكن من فضلك نور ليكن الامر سرا بيننا على الاقل ريثما تتبين لنا الحقيقة
- كن مطمئنا من هذه الناحية
مرت الساعات عليه وهو قلق انهى عمله وعليه التوجه الان نحو فتاته , ركب سيارته وانطلق نحوها وقد اكتنفته مشاعر عدة من تكون تلك الفتاة ياترى ؟ هل سلطها احدهم عليهان كا ذلك ماحدث فلن يغفر لمن فعلها .وصل الى حيث يقصد اركن سيارته جانبا امام احدى العمارات وغادرها قاصدا مبتغاه . مضت دقائق ثم فتح الباب والتقى الوجهان مرة اخرى
- مرحبا
تبسمت في وجهه وقالت : تفضل كنت اخشى الا تاتي
دخل وهو حذر تارة يلتفت يمينا واخرى يسارا ثم جلس على احد المقاعد فيما جلست هي قبالته كان ينظر اليها باندهاش لقد بدت واحدة اخرى فتاة جميلة جذابة ,لكنه سرعان ما يرفع نظره عنها ليديره في ارجاء الشقة , ادركت ما يشعر به ابتسمت وقالت
- شقتي صغيرة للغاية غرفة وصالة تستطيع ان تفتشها في غضون دقائق لتجلس مطمئنا !!
استغرب كيف لها ان عرفت مايجول في خاطره ضحك وقال دعي ذلك مفاجئة
اقتربت منه وقالت
- لا تقل انك تناولت عشائك خارجا
-لا
-حسنا في غضون دقائق سيكون العشاء جاهزا
تركته واتجهت نحو المطبخ لم يفضل الجلوس وحيدا لحق بها
- جئت ورائي فذلك رائع حقا
سحب احد المقاعد وجلس حول المائدة فيما كانت هي تضع الاطباق عليها وحين انهت ذلك جلست قبالته
- اتمنى ان يعجبك الطعام
كان ينظر اليها صامتا
- مابك لملا تاكل ؟
- كلي انت اولا
اطلقتها ضحكة عالية وقالت : تعتقد ان الطعام مسموم ثم انهمكت في الضحك : يا لله كم يبدو الامر مضحكا بعد كل هذا العناء وبعد ان تمكنت من الوصول اليك اسمك في اول عشاء لي معك !!انظر الي جيدا
وبدات بتناول لقمة من كل طبق حتى اتت على الاطباق كلها
- والان هل اطمئن قلبك
- ان كيدكن عظيم !!
- كل يا حبيبي ستنتهي ساعات الليل وسنفترق
-من انت ؟
- ثانية
- لقد حيرتيني
- من ترغب ان اكون
- هل ارسلك احدهم ليصنع لي مقلبا ؟
- اقسم لا
- هل تعرفينني من قبل ؟
-اجل منذ ثلاث سنوات
- لكن لملا اعرفك انا
- لاننا لم نلتق من قبل
- وكيف تعرفينني اذن ؟
- كنت اتابع كافة برامجك
- انت معجبة
- بل مغرمة
- من اين جئتي
- من اخر الدنيا
- تتكلمين والا
- والا ماذا
- ساغادر
- افعلها ان اردت
- تظنين اني لا اقدر , حسنا اسمك على الاقل
- ما الذي يعرونق الحرف من اسمي سنفترق عند الصباح
- من سلطك علي
- القدر
- لكن لماذا
- لانه احس بالشفقة نحوي كنت طوال تلك السنين الثلاث اقضي فيهن ليلة الميلاد باكية لاني لا اقضيها معك
تناولا عشائهما وبعد ان انهيا ذلك قال
- حسنا ساخذ حماما الان
استغرق دخوله الحمام دقائق خرج بعدها مخفيا شعره ووجهه بالمنشفة دخل غرفتها فكانت المفاجئه , ضوء خافت , موسيقى هادئة تشدو بها الجدران ثم تلك الحسناء التي تجلس امام المراة والتي قفزت حالما راته واحتظنته بشغف وقالت
- احلما هذا ام حقيقة خبرني بالله عليك
لقد احس بصدق مشاعرها تلك اللحظة كان يستمع الى نبضات قلبها الملتصق بصدره كانت نبضات سريعة مظطربة ثم نظر في عينيها فراى الما مضا راى معاناة قاسية راى حبا عميقا وحرمانا فظيعا , تبسم في وجهها وقال
- الا زلتي تظنينه حلما
- بدات استوعب الحقيقة
- والان الن تخبريني ما اسمك
- مصر على ذلك
- اجل
سحبت جسدها من احضانه وقالت
- اعلم انك تعشق فيروز لكنك بالمقابل تهوى عبد الحليم فبمن تحب ان يشدو جهاز التسجيل
- ساترك الاختيار لك
- وستثق بما اختار
- لا شك في ذلك
- سيشدو اذن بصوت عبد الحليم
نظر اليها وابتسامة راضية تعلو وجهه تقدمت نحوه وطوقت رقبته بذراعيها واخذت تراقصه
- هيا تكلمي
- وماذا اقول
- تقولين ما اسمك
- الهذه الدرجة يبدو اسمي مهما بالنسبة لك
- وكيف اناديك اذن
-حسنا اسمي سحر هل اعجبك
- عيناك غابتا نخيل ساعة السحر ! اسم عادي لا يستحق ان تخفيه عني
- لم يعجبك اذن حسنا سمني كما تشاء اختر لي اسما يعجبك
- انا امزح معك انه اسم جميل وشاعري ايضا
- هل اسالك سؤالا تجيبني عليه بصراحة
- اسئلي
- الديك معجبات غيري
- اثنتان فقط واحدة تمدك بصلة قرابة
- ماذا ؟
- هي من نفس البلد الذي انت منه اسمها سهير اما الاخرى فهي من بلد ثان ولا اعرف اسمها
- لاتكن كاذبا
- اقسم كانت تلقب نفسها بعاشقة لندن
- كثرت معجباتك صرنا ثلاثة لكن هل تستطيع ان تخمن من منا تحبك اكثر
- لكن دون زعل
- لن ازعل
- كما اشعر انا وربما ان شعوري ليس صحيحا ان من تحبني اكثر هي سهير
- وكيف عرفت
- كلماتها صادقة اشعر انها انسانة مميزة رائعة فهمتني رغم اننا لم نلتق من قبل كانت تكتب لي وكاننا عشنا زمنا معا تعرف ما احب وما اكره وما اشعر به بطريقة غريبة اسف هل ازعجك ردي هذا
- ابدا لكن لا اعتقد انها تحبك اكثر مما احبك انا
- ربما من يدري على العموم الايام ستكشف ذلك
- الايام ! اي ايام لا تنس اننا سنفترق عند الصباح
- اذن ما الذي افادك مما حدث
- حققت حلمي وامضيت ليلة الميلاد معك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حل الصباح استيقض هو باكرا ثم ايقضها
- صباح الخير
-صباح الخير متى استيقضت؟
-قبل قليل اتهضي وجهزي الفطور
مرت دقائق وجلس الاثنان يتناولان فطورهما عندها قال
- حسنا ساذهب الان
- تذهب ؟؟
تبسم في وجهها وقال : لاتخافي ساعود عند الضهر
- احقا ذلك
- بالتاكيد فبعد الذي حدث ليلة امس تظنين اني ساتركك بسهولة
- سعدت معي ليلة البارحة
- كانت ليلة رائعة كالحلم
-ان ذلك يفرحني حقا
- سحر اصدقيني القول ما الذي جرى
- ماذا تقصد ؟
- الذي حدث امرا مدبرا ام عاديا ؟
- مدبرا بالتاكيد
- من قبل من ؟
- من قبلي انا
- لكن لماذا ؟
- لاني احبك
- فقط؟
- اجل لاشيء اخر
- لكني لا اكاد اصدق تدخلين حياتي بهذه الطريقة الغريبة وتجعلينني اعيش اسعد ليلة , ايعقل هذا اعطيني تفسيرا معقولا
- انت لاتثق بالاخرين
كان ينظر اليها صامتا محتارا
- لكن لم تخبرني الى اين انت ذاهب ؟
- الى الاذاعة
- لكن اليست اليوم عطلة رسمية؟
- للسعداء فقط اما الاعلاميون فهم الاتعس من بين الفئات العاملة في المجتمع
- ماذا في حقيبتك من اخبار كيف يبدو العالم هذا الصباح
- مقرف حروب , قتلى , ارهاب
- الاعلاميون لاتسعدهم الا الانباء التعيسة !
ضحك وقال : انها تهمة لاغير , بالمناسبة هناك امر اود طرحه
- ماهو ؟
- هل نقضي هذه الليلة في شقتي
- شقتك ؟
- اجل بصراحة لست معتادا على سواها كما انها شقة واسعة سترتاحين فيها صدقيني
- لامانع لدي
- عند الضهر ساصطحبك الى هناك
- وساكون بانتظارك
- الى اللقاء الان
- الى اللقاء
كان طوال الوقت يفكر بالذي حدث كيف جائت هذه الفتاة وكيف دخلت حياته بهذه الطريقة الغريبة وصل الى مقر عمله وهناك التقى نور
- بسام كنت في انتظارك
- اهلا نور
- دعني اتفحصك اولا هل انت سليم البدن
ضحك وقال : اطمئن انا سليم ولم يصبني شيء مؤذ
- ما الذي حدث احكي لي
- لاادري نور لا اكاد اصدق
- تكلم لاتشوقني اكثر هل عرفت من تكون
- فتاة اسمها سحر تقول انها مغرمة بي منذ ثلاث سنوات وانها كانت تحلم بقضاء ليلة الميلاد معي
- هذا فقط !
- اجل
- وصدقتها
- اجل , فلو انك رايت الذي رايته او سمعت الذي سمعته لصدقتها
- وما الذي رايته او سمعته ؟
- رايت معاناة قاسية , رايت حبا عميقا , رايت حرمانا , كنت استمع الى نبضات قلبها الملتصق بصدري كانت نبضات سريعة مضطربه
- يبدو انها تمكنت منك فعلا
- لا تنظر للصورة بمنظار اخر
- هذا يعن انك لن تتركها اذن تحمل مسؤلية ماسيحدث لك
- ما الذي يدور في ذهنك ؟
-من يدري من تكون تلك الفتاة اليس محتملا ان تكون ارهابية تخطط لامر ما
-لا اعتقد ذلك
-لكن لماذا ؟ ما الذي يجعلك تثق بها لهذا الحد ؟
-لانها لو كانت كذلك لشعرت بها انها تحبني بصدق للذلك ينبغي ان احافظ عليها
-تحافظ عليها ؟
- اجل لانها انسانة مميزة تصور نور اني كنت الرجل الاول في حياتها
- ولذاك انت متمسك بها لم لم تقل ذلك من البداية
انهى عمله وغادر مبنى الاذاعة متجها نحو فتاته التي مان اوصل اليها حتى اصطحبها معه لشقته
- مارايك ؟
- انها شقة جميلة وواسعة
- الم اقل لك , تعالي اطلعك على غرفها , هذه غرفة نومي , وهذه غرفة المكتب هذا المطبخ ومن هنا الحمام
- فعلا جميلة لكن بسام من يقوم بترتيبها انت ؟
- ومن اذن وانا لازلت عازبا
- انها مرتبة ترتيبا كانه تم على يد امراة
- انا احب الترتيب واكره الفوضى ضعي ذلك في حساباتك , والان جهزي لنا الغداء
- اين تاكل كل يوم ؟
- في المطاعم , انا محترف الاكل في تلك الاماكن
تناولا الغداء وامضا معها ثلاث ساعات
- حسنا ساذهب الان
- الى الاذاعة ايضا ؟
- اصبحتي لاترحبين بذلك نسيتي جلوسك الى جانب المذياع في انتظار الاستماع لصوتي !
اندهشت لما قاله : كيف عرفت ذلك ؟
- كنت اراكي !!
- تراني ؟؟
ضحك وقال : كان كلامي صحيحا اليس كذلك
ردت بخجل : بالرغم من عظم السعادة التي كنت اشعر بها عندما استمع الى صوتك الا ان الشعور المض الذي ينتابني حينما ينتهي برنامجك كان لايترك لتلك السعادة طعما
- لماذا ؟
- لاني عندها ادرك كم انت بعيد وكم انا واهمة
- لكن القدر كان الى جانبك وحقق لك ماكنتي تتمنين
- وساحمد الله ماحييت على ذلك
- ساذهب الان وساحاول الا اتاخر , سلي نفسك بالقراءة تتمكنين من استعمال مكتبتي انها مكتبة غنية بالكتب القيمة ام انك لاتحبين القراءة ؟
- بل احبها شكرا سيسعدني ذلك حقا
- الى اللقاء الان
- الى اللقاء
لم يحاول فتح الموضوع مع نور ثانية وقرر ان يكون الامر سرا يحتفظ به لنفسه ومسؤلية يتحمل نتائجها هو ,ساله نور عنها فاخبره انها غادرت وقد فعلت ذلك بمحض ارادتها .
انهى عمله وعاد الى شقته باكرا على غير عادته فهو على مايبدو انسانا متحفظا لايشغله سوى عمله وقلمه فهو على الدوام اما في المبنى الاذاعي او في مكتبه بين كتبه ومؤلفاته . وصل شقته دخل اليها واتجه نحو المطبخ فوجدها تجلس حول الطاولة وامامها طبق السلطة الذي تقوم باعداده قفزت حالما راته وقالت
- اهلا متى عدت ؟
- قبل لحظات كيف حالك ؟
- بخير
سحب مقعدا وجلس عليه
- كيف امضيتي الوقت ؟
- بالقراءة
- ذلك جيد , واي كتاب قراتي ؟
- ديك الجن الحمصي
- اعجبك ؟
- يبدو كالاسطورة
ثم نهضت لتضع الاطباق على الطاولة وهي مستمرة في الحديث معه
- اعجبتك مكتبتي ؟
- انها مكتبة ضخمة كيف جمعت هذه الكتب ؟
- لقد جمعتها السنين مذ كنت في الخامسة عشرة وانا اشتري كتابا كلما اصبح ثمنه في متناول يدي
جلست من جديد وبدءا يتناولان الطعام عندها باغتته بسؤال
- كم عمرك ؟
- ماذا ؟
- تخشى قول ذلك
-اخشاه !!عمري اربعين عاما لازلت شابا !!
- وهذا الفجر الذي اشرق في ذوائبك
- في انا متى حدث ذلك ؟
- انا امزح معك لكنك خفته كثيرا
- بالتاكيد فهو نذير مريع
- ما الذي تخشاه ان يضيع منك ؟
- العمر بكامله دون ان احقق شيء
- ولملا تستغله ؟
- ربما لاني قليل الحظ اخشى التجربة
- ماهي احلامك بسام ؟
- ان اصبح شاعرا معروفا
- فقط ؟
- اجل
- وتمضي حياتك وحيدا ؟
- ماذا تقصدين ؟
- دون زوجة واطفال
- لاافكر في ذلك الان ليس قبل ان احقق حلمي لاني ان فعلت ذلك ينبغي الا افكر في شيء اخر
- لماذا؟
- لان الزواج مبيد لكل ماهو جميل !!
-لم انت متشائم لهذا الحد
- لان كل من جربه حذرني منه
- كلهم ؟
-اغلبهم , اصبتك بالاحباط ؟
- لا
- اذن تتفقين معي
- اجل
- ذلك رائع سنصبح صديقين مميزين اليس كذلك ؟ سنعيش معا لكن دون ان يتحكم احدنا بالاخر لم اكن اتوقع ان التقي بفتاة تفكيرها هكذا
- لقد لقنتني الحياة دروسا بليغة
- من يسمعك يقول انك في السبعين ماذا رايتي من الحياة وهي لم تفتح لك سوى نافذة واحدة من نوافذها العديدة لازالت الحياة امامك وسترين منها العجب
- ها انت تتحدث مثلي وكانك في السبعين
- لقد اصبحت عجوزا وان كان قبل الاوان
- تكبرني بخمس عشرة سنة
- ليس كثيرا لا تدعي ذلك يؤثر في شعورك نحوي
- بالطبع لن يحدث
- لنعود للحياة مرة اخرى ولمسئلة الزواج بالذات فماذا لو كنت ارحب بهذه الفكرة وقد عرضتها عليك الان هل ستوافقين ؟
- اجل
- لماذا ؟
- لاني احبك , هذه الكلمة تستطيع ان تقلب نظام الكون ليست افكار انسان ستعرف ذلك حينما تغرم
- انا ؟؟
- اجل من يدري
- وبهذه السن
- وباكبر الحب لا يعرف عمرا محددا ولا شخصا معينا كالموت تماما هكذا اي شخص واي عمر , بسام هناك امر اود طرحه
- ماذا ؟
- لقد وجدتمجموعة من الرسائل والبطاقات البريدية في مكتبتك
- رسائل ؟
- اجل من سهير
- هل اطلعتي عليها ؟
- لم اتمكن من منع فضولي سامحني
- كيف وجدتي كلماتها ؟
- رائعة انها انسانة مميزة كما قلت وتحبك بصدق
- كيف تقولين ذلك ؟
- لانها الحقيقة
- فانت مميزة ايضا
- انا ؟
- اجل في كل شيء صدقيني
- شكرا لهذا الاطراء لكني قد لا اصل مرتبتها في ذلك
- ماذا تقصدين ؟
- لقد احتلت في نفسك منزلة كبيرة
- لانها اديبة ليس الا
- اديبة ؟
- اجل انها كاتبة كانت ترسل لي القصص التي تكتبها ومن ثم تطلب راي
- وما رايك فيما تكتب ؟
- ان كتاباتها رائعة واتوقع لها مستقبلا تستطيعين ان تقراي قصصها انها في المكتبة
- سافعل ذلك
- برغبة ام بدونها ؟
- برغبة , اريد ان اتعرف الى تلك التي تمكنت من قلبك
- الفنان من الصعب فهمه اذ لايفهمه الا من كان مثله , مابك لم اكتئبتي هكذا ؟
- لم اكتئب
دنا منها وضم كفيها بين كفيه وقال
- رغم اننا لم نلتق الا منذ يومين الا اني اشعر اننا اصبحنا اصدقاء فعلا
- لم افكر في ان احتل مكانتها عندك فلست طماعة
- صدقيني مكانتك عندي كبيرة وكفاني ان كنت الرجل الاول في حياتك
- لست اول رجل في حياتي فقط بل اول واخر حبيب فيها وقلبي لم ولن ينبض بالحب لغيرك
- كفي الان واريني ابتسامتك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دقت الساعة معلنة تمام السابعة صباحا وكان كل من بسام وسحر قد استعدا للذهاب الى عملهما
- هلا اخبرتيني اي مدرسة تفتح ابوابها بمثل هذه الساعة ؟
- ومن قال اني ذاهبة الى المدرسة ؟
- والى اين اذن ؟
- الى شقتي
- شقتك؟
- اجل وماذا اذن اهجرها واعيش معك
- ولم لا
- بسام اتفقنا الا يتحكم احدنا بالاخر
- لم تسمين ذلك تحكما
- لشد ما اكره ان يتحكم في احد
- هيا بنا اذن
اوصلها الى شقتها واتجه نحو عمله , امضت ساعة او اقلها ثم اتجهت نحو المدرسة التي تعمل فيها , كانت تشعر بالحزن والكابة ذاك النهار ومرت عليها ساعات العمل ثقيلة ولم تصدق حينما انتصف النهار وحان موعد مغادرتها حملت حقيبتها وعادت الى شقتها لا تعرف لم ياسرها الحزن هذا اليوم ؟ لماذا تحدثت مع بسام بتلك اللهجة صباحا ؟بكت كثيرا ودون ان تعرف سببا معينا لبكائها اهي الغربة ؟ ام الندم؟
حل المساء بعد ان انكتها ساعات النهار رن جرس الباب واذا به بسام
- مرحبا
- اهلا تفضل
جلسا معا حيث قال
- مابك ؟
- لاشيء
- لاتبدين طبيعيه
- متعبة قليلا
- وهل يستوجب ذلك البكاء ؟
- ماذا ؟
- عيناك تشكيان الدموع ما الذي ابكاك ؟
لاشيء كنت متضايقة قليلا
- منذ الصباح وانت على غير مايرام لماذا ؟ هل ازعجتك في شيء ليلة البارحة ؟
- اطلاقا لم تفعل ذلك
- اغتصبتي نفسك على المبيت معي ؟
-كيف تقول ذلك , بسام كل مافي الامر اني متعبة قليلا , هل اجهز العشاء
- العشاء بمثل هذا الوقت الباكر
- كي لا تتاخر في العودة
- العودة ! هذا يعني اني لن اقضي الليلة هنا
- اسفة لكن كما ترى متعبة كثيرا
- كنت قد احضرت معي المجموعة الشعرية التي نظمتها مؤخرا كي اسمعك اياها
- دع ذلك لوقت اخر
-مصرة ؟
- اجل
- حسنا ساذهب الان
- الن تتناول العشاء
- لا تناوليه بمفردك لا اريد ان اثقل عليك فيبدو انك بحاجة للانفراد بنفسكو الى اللقاء تصبحين على خير
- تصبح على خير
خرج بسام تاركا اياها في حيرة بكت وذرفت دموعا فاقت تلك التي ذرفتها عند النهار لماذا تتصرف معه هكذا ؟ لماذا تتلاعب بهذا الحلم الذي تحول الى حقيقة ؟ فتحت النافذة واخذت تتطلع الى السماء المغطاة بالغيوم لكنها فوجئت بالنافذة المقابلة وقد طل منها الاستاذ عادل المدرس الذي يعمل معها في نفس المدرسة , لم تدر كيف تتصرف هل تبقى عند النافذة ام تتغلقها ؟ غير انها قررت ان تبقي عليها مفتوحة وتبتعد هي .
لم تكن سحر تعرف ماتشعر به كل ماتعرفه هو انها في هذه الساعة من الليل تشعر بحاجتها للبكاء ثانية , نظرت الى النافذة التي ماتزال مفتوحة وتيار هواء بارد يمر خلالها نهضت تجاهها قاصدة اغلاقها والقت نظرة على النافذة المقابلة فكانت مفتوحة لكن دون ان يطل من خلالها احد .
حل الصباح اتجهت نحو مدرستها كانت تسير صامتة ساهمة فهي حديثة العهد بهذا البلد تكتشف الاشياء ببطء وحذر
وصلت الى المدرسة واتجهت نحو الفصل الذي ستلقي فيه اولى حصصها وبعد انتهاء تلك الحصة اتجهت نحو غرفة الاستراحة فشاهدت الاستاذ عادل يقف على مسافة منها وما ان اقتربت خطاها منه حتى قال
-صباح الخير
- صباح الخير
- هل لي ان اتكلم معك قليلا
- تفضل
- بالنسبة للذي حدث ليلة امس
- ليلة امس ؟
- اجل النافذة , اخشى ان اكون قد سببت لك ازعاجا ربما كنت تودين الوقوف عند النافذة فحرمتك من ذلك
-لا ابدا
- النافذة ملكك والكون ملك الجميع
- ذلك اكيد
- اذن سيقف كل منا عند نافذته دون ا ن يؤثر على الاخر اتفقنا
- اتفقنا , حسنا اسمح لي بالانصراف الان
- تفضلي
انهت عملها وغادرت المدرسة متجهة نحو بسام ف شقته غير انها لم تجده هي تشعر بالكابة فهي تشعر ان الشوق اليه سيفتك بها مرت عليها ساعات النهار قاسية ولم تصدق ان المساء حل خرجت مسرعة اليه وهي خائفة من ان يكون الى الان في الاذاعة , لكنها وجدته , القت جسدها في احضانه حالما فتح لها الباب
- بسام كم اشتقت اليك حبيبي
- سحر مابك
سحبت جسدها من بين احضانه وقالت
- اسفة للذي حدث ليلة امس
- لا تتاسفي لم يحدث مايستحق ذلك
- لم تغضب مني اذن ؟
- اطلاقا لم افعل
- بصراحة كنت سخيفة معك
- ابدا كنتي متضايقة وحسنا ما فعلتي لان من يشعر بالضيق لا ينفعه الا الاختلاء بنفسه
- كم انت رائع
- ماذا !!
- انت انسان بمعنى الكلمة كما تخيلتك تماما
- وهل تخيلتني بهذا الشكل ؟
- ماذا تقصد ؟
- تخيلتي اني لست وسيما ؟
- ومن قال انك لست وسيم ؟
- لان قامتي ليست طويلة ولا املك منكبين عريضيين
- بسام انا لا ابحث عن قامة طويلة ولا عن منكبين عريضين انا ابحث عن انسان ,فكر نير وشخصية قوية
- وهل وجدتي ذلك في ؟
- اجل , هل نخرج ؟
- نخرج , الى اين ؟
- اريد ان اتمشى معك الان
- نتمشى بمثل هذا الطقس المثلج ؟
- اجل هيا ارجوك
- دعي ذلك لنهار الغد
- لا اريد عند النهار انا افضل الليل بطريقة مقصودة
- كيف افهميني
- ارغب ان اجوب الشوارع حين يغرق الناس في النعاس
- هربا منهم ؟
- اجل
- لكن لماذا ؟
- لاني اكره البشر , سواك
- البشر ليسوا وحوشا
- بل وحوش وافظع
- سحر لاينبغي ان تفكري هكذا
- ارجوك كفى ودعنا نخرج
- حسنا هيا بنا
خرجا يتمشيان في ذلك الطقس المثلج يحتظنان بعضهما بقوة وكأن كل واحد منهما وجد ضالته في الاخر
- بسام احقا انك لم تنزعج مني ليلة امس ؟
- ربما قليلا
تهلل وجهها
- احقا ذلك ؟
- انظري في عيني وانت تعرفين
تعانقت نظراتهما ثم ارتمت في احضانه
- كم احبك بسام احقا انك لاتدرك ذلك
- بل ادركه صدقيني كما ان هناك امر اخر يجب ان تعرفينه
- ماهو؟
-اصبحتي شيء مهم في حياتي
- احقا ماتقول؟
- اقسم , لكن عديني ان تغيري من نظرتك للحياة
- كيف ؟
- تتقبلينها بحلوها ومرها
- واين هو حلوها انا لم اذق الا المر منها
- وكرهك وبغضك للناس
- لانهم الشيء الاكثر مرارة في الحياة
- لااريدك ان تفكري هكذا عديني بذلك
- اعدك
- والان هل نعود
- حسنا هيا بنا
عادا الى شقته سعيدين هي تشعر بالسعادة لانه قال لها انها اصبحت شيء مهم في حياته وهو يشعر بالسعادة لانه تاكد انها انسانة مميزة تحبه بصدق واستبعد مخاوف وشكوك نور من راسه تماما
- هل تسمعني المجموعة الشعرية التي ذكرت؟
- بكل سرور
تناول تلك الاوراق واخذ يسمعها القصيدة تلو الاخرى
- ما رايك؟
- كم هي رائعة انك شاعر متمكن
- ليست مجاملة ؟
- اطلاقا ويالعجبي انك لم تشتهر بعد
- الم اقل لك اني سيء الحظ
- لاتقل ذلك تفائل وستجد الخير امامك , كيف تنظم القصيدة هكذا ؟
- وكيف تتكلمين انت
- تقارن الكلام بالشعر
- فهو كذلك
- الكلام لاموزون ولا مقفى كلمات مرسلة , لاتحاول ان تقنعني
كان ينظر اليها بتمعن
- مابك لم تنظر الي هكذا ؟
- يزعجك ذلك ؟
- لا لكن اتسائل فقط
- افكر في نظم قصيدة
- وتستوحي مضمونها من هذه الملامح ؟
- الن توافقي
- ليس كذلك لكن قد لاتنفعك
- لماذا ؟
- لانها ملامح بائسة
- لكني لا اراها كذلك غير انها متحفظة قليلا
- لملا تختار ملامح واحدة اخرى ؟
- من تقصدين ؟
- اي واحدة غيري
- تتمكنين من تحديدها ؟
- سهير مثلا
- لا لن تكون
- ولماذا ؟
- لاني اخترت الملامح وانتهى الامر
- انت حر لكني نصحت لك
- وانا شاكر لك تلك النصيحة وسترين انها ستكون من اروع القصائد واجملها
- حسنا سانتظر وسارى
وللحكاية بقية
-
عدل سابقا من قبل شهد عادل في السبت 06 فبراير 2010, 4:34 pm عدل 6 مرات
