قتلى وتفجير... وحكومة تخدير

قتلى وجرحى بالجملة وأزمة تذبح الشعب العراقي يوما بعد يوم، سيارات ملغمة وعبوات ناسفة ولاصقة وكواتم صوت واغتيالات وسرقات هذا ما أشاهده يومياً وأسمعه في الأخبار، إلى أين المفر أيها العراقي للأسف الشديد إن ما تمر به البلاد من أزمة سياسية وخروقات أمنية وافتقار للخدمات والبطالة والجوع والفقر يدل


على أن العراق أصبح وكأنه من بلدان مجاعة أفريقيا، أتعرفون لماذا؟ لأن العراق هو أغنى بلد قد لا أكون مبالغاً إذا قلت في العالم.سبعة أشهر مرت على إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية ولا جديد في الأوضاع العامة للبلاد، ورغم كل الملصقات الإعلانية التي كانت تتوعد المواطن بالقضاء على البطالة وحل أزمة السكن والكهرباء وغيرها من الدعايات التي صرح بها المسؤولون، نجد اليوم أن الوضع باق على ما هو عليه ولا جديد في الأمر، وعملية تشكيل الحكومة تراوح في مكانها.وضعت كل الأمور المتعلقة بالحياة جانباً، وركزت على موضوع أصبح حديث الشارع العراقي بعد العام 2003، ألا وهو (الأمن المفقود)؟ هناك من يجلس في بيته وهو غير مطمئن على نفسه وأسرته فكيف إذا خرج إلى الشارع، وأنتم تشاهدون يومياً الخروقات الأمنية والتفجيرات التي تحدث في بغداد ومختلف محافظات العراق باستثناء محافظات إقليم كردستان التي تعتبر المنطقة الآمنة في البلاد، من يتحمل مسؤولية القتلى الذين تسفك دماؤهم يومياً وبالمئات، ألم يسأل المسؤول نفسه هذا السؤال يوماً ولو سهواً يخطئ ويحاسب ضميره.أيام الأسبوع أصبحت لديها ألقاب، الثلاثاء والأربعاء الدامي والأحد الأسود، فضلا عن إن قيادة عمليات بغداد تخرج بعد كل انفجار وتعطي حصيلة للضحايا الذين سقطوا في الانفجار الفلاني وكأنها ناطقة باسم وزارة الصحة وليس لها علاقة بالأمن في العراق، وقد تكون وزارة الصحة هي المعنية بالأمر!! ولما لا، ففي عراقنا العظيم كل شيء وارد!أمن العراق من يحميه وحياة العراقيين من يحفظها، لم تعد التفجيرات تثير الدهشة والاستغراب عند المواطن العراقي فهي أصبحت ملازمة واعتيادية بالنسبة إليه، وعندما نرى أي تفجير نتزاحم حوله لنعرف من المسؤول؟ من المستفيد؟ كيف ستكون التحقيقات في هذا الحادث؟ وما هي النتائج؟ هل من مجيب؟ لا أحد يدري (وتيتي تيتي مثل مارحتي جيتي).بعد كل انفجار تكون ردة الفعل الأولية للمواطن العراقي "هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة على الأرجح"، الناجون القريبون من ساحة الانفجار هم أول من تشاهدهم وسط الركام والحرائق المشتعلة وزخات طلقات النار وهم من يسمون عادة بالشهود العيان، هؤلاء الشهود تتزاحم عليهم وسائل الإعلام ويبدؤوا معهم مسلسل التحليل لما جرى وتوزيع المسؤولية عشوائيا على القريب والبعيد، بينما السلطات الموجودة على الأرض من جيش وشرطة وقوات أميركية تكتفي بمراقبة الموقف ويكاد وجودها في ساحة الحدث بعد حصوله يصبح بلا جدوى إلا إذا كان الهدف إفساح المجال لإزالة الركام وإنقاذ من كتبت له النجاة.يتساءل المواطنون يومياً عن التناقض الذي تتحدث به الحكومة العراقية عندما تقول "لا داعي لمساعدة القوات الأميركية نحن قادرون على حفظ الأمن"، ويتساءلون أيضاً مستغربين عن عدم إمكانية القوات الأميركية في حفظ الأمن بالعراق.عند كل حادث أمني كبير في العراق يشار إلى أن الحدود المفتوحة والمتسللين منها هي السبب، ونقاط التفتيش عند الحدود معطلة بالكامل، الجيش العراقي الذي يتشكل لم يصل للحدود بعد والشرطة العراقية التي ما تزال وليدة تعجز من القيام بهذه المهمة، فضلا عن أنها هدف دائم لأعمال القتل والتفجير. فمن أين يا ترى يتحقق الأمن؟ سؤال مطروح بحاجة إلى إجابة لكن متى لا أحد يدري.