في العقد الفريد وتفسير ابن كثير وجامع الفوائد للكراجكي والبحار: قال الشعبي : كنت بواسط وكان يوم أضحى ،
فحضرت صلاة العيد مع الحجاج ، فخطب خطبة بليغة ، فلما انصرف جاءني
رسوله ، فأتيته ، فوجدته جالسا مستوفزا . قال : يا شعبي ، هذا يوم أضحى ، وقد
أردت أن أضحي فيه برجل من أهل العراق ! وأحببت أن تستمع قوله ، فتعلم
أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به .
فقلت : أيها الأمير ، أو ترى أن تستن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله
وتضحي بما أمر أن يضحى به وتفعل مثل فعله ، وتدع ما أردت أن تفعله به في
هذا اليوم العظيم إلى غيره ؟
فقال : يا شعبي ، إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه ، لكذبه على الله
وعلى رسوله وإدخاله الشبهة في الإسلام .
قلت : أفيرى الأمير أن يعفيني من ذلك ؟ قال : لا بد منه . ثم أمر بنطع
فبسط ، وبالسياف فأحضر ، وقال : أحضروا الشيخ ، فأتوا به ، فإذا هو يحيى بن
يعمر ! فاغتممت غما شديدا ، وقلت في نفسي : وأي شئ يقوله يحيى مما
يوجب قتله ؟ .
فقال له الحجاج : أنت تزعم أنك زعيم العراق ؟ ! قال يحيى : أنا فقيه من
فقهاء العراق . قال : فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين من ذرية
رسول الله ؟ قال : ما أنا زاعم ذلك ، بل قائله بحق . قال : وبأي حق قلته ؟ قال :
بكتاب الله عز وجل . فنظر إلي الحجاج وقال : اسمع ما يقول ! فإن هذا مما لم
أكن سمعته عنه ، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من
ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فجعلت أفكر في ذلك ، فلم أجد في
القرآن شيئا يدل على ذلك . وفكر الحجاج مليا ، ثم قال ليحيى : لعلك تريد
قول الله تعالى : " فمن حاجك من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا
وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على
الكاذبين " . وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومعه علي
وفاطمة والحسن والحسين ؟
قال الشعبي : فكأنما أهدى إلى قلبي سرورا ، وقلت في نفسي : قد خلص
يحيى . وكان الحجاج حافظا للقرآن ، فقال له يحيى : والله إنها لحجة في ذلك
بليغة ، ولكن ليس منها أحتج لما قلت ، فاصفر وجه الحجاج وأطرق مليا ، ثم
رفع رأسه إلى يحيى وقال له : إن أنت جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك
فلك عشرة آلاف درهم ، وإن لم تأت بها فأنا في حل من دمك ، قال : نعم .
قال الشعبي : فغمني قوله ، وقلت : أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج
به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه وتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه ؟
فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجته
لئلا يقال : إنه قد علم ما قد جهله هو .
فقال يحيى للحجاج : قول الله تعالى : " ومن ذريته داود وسليمان " من
عنى بذلك ؟ قال الحجاج : إبراهيم - عليه السلام ، قال : فداود وسليمان من
ذريته ؟ قال : نعم . قال يحيى : ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته ؟ فقرأ
الحجاج " وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين " قال يحيى :
ومن ؟ قال : " وزكريا ويحيى وعيسى " قال يحيى : ومن أين كان عيسى من
ذرية إبراهيم عليه السلام ولا أب له ؟ قال : من أمه مريم عليها السلام قال يحيى :
فمن أقرب : مريم من إبراهيم أم فاطمة من محمد صلى الله عليه وآله ، وعيسى
من إبراهيم والحسن والحسين عليهما السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قال الشعبي : فكأنما ألقمه حجرا ! فقال : أطلقوه قبحه الله ، وادفعوا إليه
عشرة آلاف درهم لا بارك الله له فيها !
ثم أقبل علي فقال : قد كان رأيك صوابا ، ولكنا أبيناه . ودعا بجزور
فنحره ، وقام فدعا بطعام فأكل وأكلنا معه . وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ، ولم
يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجما.
فحضرت صلاة العيد مع الحجاج ، فخطب خطبة بليغة ، فلما انصرف جاءني
رسوله ، فأتيته ، فوجدته جالسا مستوفزا . قال : يا شعبي ، هذا يوم أضحى ، وقد
أردت أن أضحي فيه برجل من أهل العراق ! وأحببت أن تستمع قوله ، فتعلم
أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به .
فقلت : أيها الأمير ، أو ترى أن تستن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله
وتضحي بما أمر أن يضحى به وتفعل مثل فعله ، وتدع ما أردت أن تفعله به في
هذا اليوم العظيم إلى غيره ؟
فقال : يا شعبي ، إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه ، لكذبه على الله
وعلى رسوله وإدخاله الشبهة في الإسلام .
قلت : أفيرى الأمير أن يعفيني من ذلك ؟ قال : لا بد منه . ثم أمر بنطع
فبسط ، وبالسياف فأحضر ، وقال : أحضروا الشيخ ، فأتوا به ، فإذا هو يحيى بن
يعمر ! فاغتممت غما شديدا ، وقلت في نفسي : وأي شئ يقوله يحيى مما
يوجب قتله ؟ .
فقال له الحجاج : أنت تزعم أنك زعيم العراق ؟ ! قال يحيى : أنا فقيه من
فقهاء العراق . قال : فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين من ذرية
رسول الله ؟ قال : ما أنا زاعم ذلك ، بل قائله بحق . قال : وبأي حق قلته ؟ قال :
بكتاب الله عز وجل . فنظر إلي الحجاج وقال : اسمع ما يقول ! فإن هذا مما لم
أكن سمعته عنه ، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من
ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فجعلت أفكر في ذلك ، فلم أجد في
القرآن شيئا يدل على ذلك . وفكر الحجاج مليا ، ثم قال ليحيى : لعلك تريد
قول الله تعالى : " فمن حاجك من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا
وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على
الكاذبين " . وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومعه علي
وفاطمة والحسن والحسين ؟
قال الشعبي : فكأنما أهدى إلى قلبي سرورا ، وقلت في نفسي : قد خلص
يحيى . وكان الحجاج حافظا للقرآن ، فقال له يحيى : والله إنها لحجة في ذلك
بليغة ، ولكن ليس منها أحتج لما قلت ، فاصفر وجه الحجاج وأطرق مليا ، ثم
رفع رأسه إلى يحيى وقال له : إن أنت جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك
فلك عشرة آلاف درهم ، وإن لم تأت بها فأنا في حل من دمك ، قال : نعم .
قال الشعبي : فغمني قوله ، وقلت : أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج
به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه وتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه ؟
فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجته
لئلا يقال : إنه قد علم ما قد جهله هو .
فقال يحيى للحجاج : قول الله تعالى : " ومن ذريته داود وسليمان " من
عنى بذلك ؟ قال الحجاج : إبراهيم - عليه السلام ، قال : فداود وسليمان من
ذريته ؟ قال : نعم . قال يحيى : ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته ؟ فقرأ
الحجاج " وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين " قال يحيى :
ومن ؟ قال : " وزكريا ويحيى وعيسى " قال يحيى : ومن أين كان عيسى من
ذرية إبراهيم عليه السلام ولا أب له ؟ قال : من أمه مريم عليها السلام قال يحيى :
فمن أقرب : مريم من إبراهيم أم فاطمة من محمد صلى الله عليه وآله ، وعيسى
من إبراهيم والحسن والحسين عليهما السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قال الشعبي : فكأنما ألقمه حجرا ! فقال : أطلقوه قبحه الله ، وادفعوا إليه
عشرة آلاف درهم لا بارك الله له فيها !
ثم أقبل علي فقال : قد كان رأيك صوابا ، ولكنا أبيناه . ودعا بجزور
فنحره ، وقام فدعا بطعام فأكل وأكلنا معه . وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ، ولم
يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجما.