مغامرة في الغابات
في أحدى مكاتب مركز الابحاث في أمريكا الجنوبية يدور بين المدير العام للمركز وبين أحد الاطباء العاملين فيه عبر الهاتف الحوار التالي:
المدير العام(الدكتور جورج):صباح الخيردكتور ميتلاند كيف حالك .
دكتور ميتلاند:صباح الخير سيدي .بخير شكرا.
دكتورجورج :وكيف يسير العمل معك ومع مساعديك؟
دكتور ميتلاند: على أحسن ما يرام سيدي وقد أبدى الشباب حماسا كبيرا في العمل وبالاخص أولئك الموظفين جون وكارل ولورا فقد عملو الى ساعة متأخرة يوم أمس بعد أنتهاء العمل وقد توصلنا الى نتائج طيبة في موضوع البحث الذي كلفتنا به ولكن ما زالت تنقصنا بعض العينات والشرائح المهمة لاتمام البحث .
الدكتور جورج:نعم أعرف ولهذا فكرت بفكرة ستفيدنا بهذا الموضوع.
الدكتور ميتلاند:صحيح سيدي ؟هات ما عندك أذا:-
فيدأ الدكتور جورج بطرح فكرته والدكتور ميتلاند يستمع أليه بأهتمام فيقول:أن فكرتي تتلخص في أرسال فريق عمل الى منطقة الغابات التي تحاذي الشاطى يقوم بجمع كل ما نحتاج له من تلك المنطقة من شرائح وعينات وكذلك يقوم بدراسة الظروف البيئية والاحياء المجهرية في منطقة الغابات مما يفيدنا مستقبلا في أجراء بحوث أخرى مما يساعدنا في تطوير الزراعة عندنا.
(فيحاوره دكتور ميتلاند مستغربا):أي منطقة في الغابات تقصد سيدي؟
دكتور جورج :تلك المنطقة التي تبعد تسعة كيلو مترات عن الشاطى.
دكتور ميتلاند :هذه المنطقة بالذات ؟ولكن تعرف يا سيدي أنها منطقة نائية وقلما تقصدها فرق الاستكشافات لخطورتها .
دكتور جورج: أعرف ذلك ولكن لن تتوغلوا في داخل الغابة وأنما مهمتكم سوف تكون محصورة في مساحة محدودة وستأخذون معكم كل ما يلزم من وسائل الحماية بالاضافة الى أن المهمة لن تستغرق أكثر من يوم واحد من الصباح الى المساء ولن تظطروا لقضاء الليل هناك مما يعرضكم للمخاطر .
فيجيب الدكتور ميتلاند مترددا:لكن سيدي....وقبل أن يكمل عبارته يباعته الدكتور جورج مقنعا أياه وهو يقول له:- لاتقل شيئا دكتور ميتلاند فقد أعددت كل ما يلزم لتأمين سلامة الفريق وأتمام مهمته بنجاح حتى الطائرة المروحية التي ستقلكم الى هناك.أن المنطقة التي تم تحديدها لتكون مجال البحث ليست بالخطورة التي هي عليها المناطق المجاورة بالاضافة الى وسائل الحماية والامان التي ستزودون بها لتواجهوا أي طارى .
دكتور ميتلاند:حسنا سيدي ومن رشحت لللقيام بهذه المهمة ؟ وعلى مايبدو أن الاختيار قد وقع على مجموعتنا.
دكتور جورج:هذا صحيح ياصديقي فليس أقدر منك ومن رفاقك للقيام بهذه المهمة على أتم وجه .فقد قررت أن يكون الفريق برآستك أنت والسيدة جوزفين مساعدتك وثلاثة أشخاص أخرون تختارهم بنفسك من بين العاملين معك .
فيجيب الدكتور ميتلاند:حسنا سيدي كما تريد وبالنسبة لي أفضل أختيار جون وكارل ولورا فهم من خيرة العاملين معي.
دكتور جورج:وأفضل أن تذهب معكم الصحفية أيمي ورفيقها المصور ديفد فطالما كانت لديها الرغبة في عمل روبرتاج عن منطقة الغابات ونستطيع بواستها أن ننشر مانريد من معلومات عن بحثنا هذا.
فيرد الدكتور ميتلاند موافقا :حسنا دكتور سأدعو الجميع لحضور أجتماع عاجل وأعرض عليهم الفكرة.
وعقد الاجتماع وبدأ الدكتور ميتلاند بطرح الموضوع حتى لاقى أستحسان الجميع وبالاخص جون وكارل ولورا أذ أبدوا حماسهم للفكرة وأصرارهم على أنجاز المهمة في أقرب وقت .لذلك تم الاتفاق مع الادارة العامة للمركز على تحديد يوم الاحد لتنفيذ المهمة المرتقبة وبدأت التحضيرات لاعداد كل ما يلزم للرحلة وبدأ الحماس واضحا على وجوه الشباب الثلاثة أما الدكتور ميتلاند والسيدة جوزفين مساعدته فقد بدت عليهم الجدية أكثر أذ لم تزل في مخيلتهما صورة المخاطر التي يمكن أن تواجه أعضاء الفريق وضرورة الحيطة والحذر الشديدين. (وفي صباح يوم الاحد الساعة السابعة والنصف تقريبا وبعد أن أجتمع جميع أعضاء الفريق وقد تهيئوا للرحلة طلب منهم الدكتور جورج الحضور الى قاعة الاجتماعات الكبرى في المركز...).
فذهب الجميع الى هناك فجلس الدكتور جورج على رأس الطاولة يقابله الدكتور ميتلاند على الطرف المقابل تجلس الى جواره السيدة جوزفين بينما جلس أعضاء الفريق من المركز (جون وكارل ولورا) على جانب واحد تقابلهم الصحفية أيمي ورفيقها المصور ديفد.فتحدث الدكتور جورج موضحا بعض الامور الهامة المتعلقة بالمهمة مؤكدا على ضرورة المثابرة والدقة في العمل للوصول الى النتائج المرجوة ضمن حدود الوقت المحدد مشيرا الى أن هذه المهمة أذا تمت بنجاح وتم الحصول على تلك الشرائح والعينات وأتمام البحث كما يجب فسوف يكون أنجازا رائعا يتوصل أليه المركز. وقي ختام حديثه أكد على أخذ الحذر اللازم قائلا : لا أوصيكم بعد أيها الرفاق فرغم ذلك عليكم التعامل بحذر شديد مع كل ما تجدونه أمامكم فنحن لا نعرف لحد الان كيف سيكون الوضع هناك وأن تعملوا في حدود المنطقة المرسومة لكم فقط وقد عملنا كل ما بوسعنا لتأمين سلامتكم فقد جهزنا الطائرة التي ستقلكم بكل ما يلزم لكن أكرر كونوا حذرين.وأخيرا أتمنى لكم التوفيق والان بادروا بالاستعداد للانطلاق فلم يبقى الا دقائق عن الثامنة .
وهكذا يخرج الجميع الى الساحة المقابلة للمركز بأنتظار الطائرة المروحية التي سوف تحملهم الى منطقة الهدف . وفي تلك الاثناء وبينما هم بأنتظار الطائرة أذ يدور بين موظفي المركز وبين الصحفية أيمي ورفيقها ديفد حديثا لطيفا,وكأنهم يحاولون التعارف وتوطيد العلاقة فيما بينهم . فتتبادل الفتاتين لورا وأيمي الحديث التالي :
لورا:تعرفين أني متحمسة جدا لهذه المهمة ومتلهفة لرؤية تلك المنطقة وسأبذل كل مابوسعي في البحث والدراسة لكي أحظى برضى وتقدير الدكتور ميتلاند.
أيمي: أعرف ذلك يا عزيزتي فقد سمعت الكثير عنك وعن رفاقك من الدكتور جورج وعن حماسكم وتفانيكم في العمل .
لورا:شكرا لك وأنت أيضا صحفية متميزة فأنا أتابع موضوعاتك بأستمرار ولست أنا فقط بل وكل رفاقي في المركز فالدكتور جورج شخصيا يهتم بما تكتبين في مجال الابحاث خاصة تلك التي لها صلة بعملنا وهو صاحب الفكرة في أن تكوني أنت وديفد ضمن فريق عملنا هذا.
أيمي: وأنا أقدر له وللدكتور ميتلاند هذه المبادرة الطيبة وأن سروري كبير لكوني معكم وضمن مجموعتكم هذه. وتستطرد أيمي حديثها قائلة:حسنا والان سأخبرك بما جلبت معي لرحلتنا وتحكي لها عما يوجد في حقيبتها الصغيرة بينما يتبادل جون وديفد الحديث عن المهمة المكلف بها كل منهما .
فيقول جون:بالنسبة لنا قد تم تحديد العمل الذي سوف يقوم به كل واحد منا وقد حددنا نقاط البحث التي سوف يتولاها كل فرد لكي يتم أستثمار الوقت بشكل أفضل فوقتنا كما تعلم محدود فماذا عنكما أنت وأيمي ؟ فيجيب ديفد باسما:أما بالنسبة لنا فأن الوقت كافي جدا. ويستطرد حديثه قائلا:بالنسنة لي قد سمعت الاحاديث التي تدورعن خطورة هذه المنطقة.....هل تعتقد أنت بوجود مثل هذه المخاطر ؟
فيرد عليه جون :في الحقيقة يا صديقي أنا لا أعرف لاني لم أرتاد المنطقة لحد الان.فيحدثه ديفد بعبارات قد بدى عليها أثر السخرية :أما أنا فأعتقد أن هذه الفكرة مأخوذة من القصص التي تكتب بأستمرار عن المناطق النائية والمخاطر التي تدور فيها.
· وفي تلك الاثناء تصل الطائرة المروحية وتهبط في الساحة فيبدأ اعضاء الفريق بالصعود الى الطائرة مودعين الدكتور جورج الذي ودعهم بحرارة وتمنى لهم التوفيق في مهمتهم (وما أن أنتهى أخر فرد من الصعود حتى تقلع متجهة الى المنطقة المقصودة ).
وبعد ساعة تقترب الطائرة من المنطقة .فيأخذ الشباب بالنظر من النوفذ بلهفة وهم يتطلعون لارتياد المنطقة يدفعهم حبهم الشديد للاستطلاع من جهة وحماسهم للعمل لاثبات كفائتهم من جهة أخرى .
تهبط الطائرة في منطقة الغابات في المنطقة المحددة لعمل الفريق فينزل أعضاء الفريق يتقدمهم الدكتور ميتلاند وهم يتطلعون بشوق الى كل ما يرونه حولهم. وهكذا وبدون أي تأخير يتم أعداد الخيمة التي جلبوها معهم وبعض أجهزتهم ومعداتهم أستعدادا للعمل.وفور الانتهاء من التجهيزات يبدأ الجميع بالعمل وينهمكون به الى أن يحين وقت الغداء ,فيناديهم الدكتور ميتلاند قائلا:حسنا يا رفاق دعوا العمل الان وهيا لتناول طعام الغداء. فتقوم السيدة جوزفين بمساعدة الفتاتين لورا وأيمي بتحضيرالطعام فيجلس الجميع لتناول وجبة الغداء وهم يتبادلون الاحاديث الطريفة في جو عائلي بهيج. وبعد الانتهاء من تناول الطعام يحدثهم الدكتور ميتلاند قائلا: نظرا لما قمتم به من جهود طيبة تشكرون عليها من الصباح وحتى الان سوف تأخذون قسطا من الراحة لمدة ساعة ثم تواصلون العمل بعد ذلك.علما بأننا سوف نرحل من هنا قبل المغيب فليكن في حسابكم الوقت المتبقي وأنتم تواصلون العمل.فيبدي الشباب شكرهم للسيد ميتلاند ويذهبون للجلوس تحت ظل شجرة كبيرة مترامية الاطراف وهم يتجاذبون أطراف الحديث.بينما يقوم هو والسيدة جوزفين بالدخول الى الخيمة لفحص بعض العينات التي تم جمعها .وفي تلك الاثناء وبينما يستمر الشباب بتبادل الاحاديث المسلية في مختلف المواضيع ويتصاعد النقاش وتتعالى الاصوات يبقى ديفد صامتا دون أن يتحدث بكلمة ,فيقطع عليه جاك تأمله وهو يقول له:لما أنت صامت لا تشاركنا الحديث ؟
فيقول جون :أتركه يا جاك الا تراه شارد الذهن يبدو أنه ليس معنا .
جاك : صحيح ديفد الى أين ذهبت وما هذه النظرات التائهة الحيرانة بأتجاه الغابة ؟هل أنت مولع بمنظر الاشجار الى هذا الحد؟ فيجيبه ديفد قائلا: آه ياصديقي لو تعرف ماذا يشغل فكري الان وماذا أتمنى .
جون: شاركنا اذا بأفكارك يا أخي . فيقوم ديفد بسرد ما يدور في مخيلته وهو يقول :تعرفون ماذا كان شعوري وأنا أتأمل الغابة ....كنت أشعر وكأني أطوف حول الغابة وأرى كل ما فيها من نباتات وأحياء,ولكم أتمنى أن تكون هذه حقيقة .ويصمت برهة ثم يقول :ولما لا تكون حقيقة...لما لا نستطيع أن نحول هذا التأمل الى حقيقة.
جاك:ماذا تقصد ديفد؟؟
ديفد: أقصد أن نقوم بجولة داخل الغابة ولو لمسافة قصيرة فقط لنرى ولو جزء بسيط من عالم الغابة هذا. وتوافقه لورا قائلة:صحيح ديفد وأنا أتمنى ذلك أيظا وأرغب في الاطلاع على الغابة من الداخل .ديفد: نعم فهذه فرصة ذهبية كي أستطيع أن أصور منظر الاشجار والحيوانات المختلفة .وأرى أنه من السذاجة أن نصل الى مثل هذا المكان ونضيع الفرصة من أيدينا فبهذه الطريقة ليكتب لموضوعنا نحاحا ساحقا.
أيمي: ولتمكنت من أن أغطي كافة جوانب الموضوع التي لا أستطيع أن أعطيها حقها في هذه المسافة المحدودةولكان الموضوع أكثر أثارة ......هذا بينما يصمت جون وكارل ولورا وهم يتذكرون كلام رئيسهم وتحذيره لهم بالتأكيد على عدم الدخول الى داخل الغابة.
وأخيرا يقول جون لديفد:الافضل ديفد أن تنزع هذه الفكرة من رأسك كليا لان ذلك خطر وغير مسموح به.
ديفد: آه يا عزيزي جون كم أنت متردد ...أنا لا أجد أية خطورة في الموضوع ثم بالنسبة للدكتور ميتلاند فأننا لن نتأخر كثيرا سنعود قبل خروجه من الخيمة كيف سيعرف أذا...وسوف لن نذهب بعيدا سنمشي فقط لمسافة قليلة ثم نعود الى هنا...ما رأيكم يا رفاق؟
يستطيع ديفد أن يقنع جاك فيوافق على الفكرة ومن ثم لورا أما جون فيبقى مصرا على عدم الذهاب فيمازحه ديفد قائلا: يمكنك البقاء هنا أذا كنت تخشى أن يأكلك الفك المفترس .
فيجيبه جون وقد علا على وجه الوجوم: ليس هذا ماقصدته يا ديفد ولكني أحملك المسؤلية كاملة أذا حدث أي شى أو وجه لنا الدكتور ميتلاند أية مسائلة .
فيرد عليه ديفد: صدقني يا عزيزي سوف لن يحدث أي شى مما تخشاه تشجع فقط وتعال معنا ولا تفوت فرصة كهذه . فيذهب جون معهم وهو ما زال مترددا وفي مخيلته ما زالت ترتسم صورة المخاطر التي يمكن أن تحدث للفريق .
وهكذا يدخل الجميع للغابة ويأخذون بالسير يتقدمهم ديفد وأيمي وهم ينظرون الى الطيور والحيوانات التي بدت غريبة لهم لاول وهلة.فيقوم ديفد بألتقاط صورا لكل ما يراه أمامه .ويستمرون بالسير ويأخذهم حب الاستطلاع الى التوغل في الغابة أكثر وأكثر وهم بشوق لرؤية المزيد.وبينما هم على هذه الحالة وأذا بالمطر يبدأ بالتساقط .
فتقول لورا :أنظروا أنها تمطر .ولكن جاك يطمئنهم وهو يقول:لا تقلقوا يا رفاق لابد أنه سيتوقف الان فهو ليس غزيرا.(ويشير بيده الى كهف قريب ويقول) هيا بنا لندخل الى هذا الكهف ريثما يتوقف المطر .فيدخل الرفاق الخمسة الى داخل الكهف وهم يأملون أن يتوفق المطر بعد قليل ويخرجون لمواصلة المسير والعودة الى مكانهم حيث الدكتور ميتلاند والسيدة جوزفين .ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن أذ لم يتوقف المطر كما توقعوا بل أستمر بالهطول وأزداد غزارة.
تعذر على أفراد الفريق الخروج وقطع عليهم خط العودة ,أذ حتى لو أستطاعوا المجازفة والخروج في المطر لن يستطيعوا السير في أرض الغابة التي أصبحت مشبعة بالماء بالاضافة الى تعذر الرؤية بسبب المطر والغيوم .فقد أصبح جو الغابة مظلما بحيث يصعب عليهم تحديد أتجاههم ومن ثم سلك الطريق الصحيح الذي يوصلهم الى مكانهم .كل ذلك أدى الى وضع الفريق في وضعا حرجا لاسيما هولاء الخمسة الذين أصبحوا كالمسجونين داخل الكهف دون أن يعرفوا ماذا يفعلون وماهو التدبير الذي يجب عليهم أتخاذه في هذا الموقف. مما أدى الى أستيائهم وتذمرهم وبدأ جون يلقي اللوم عللى ديفد صاحب الفكرة منذ البداية .
وكلما مر مزيدا من الوقت على بقائهم في الكهف كلما أزداد جون تأنيبا ولوما على ديفد بل تعنيفا على هذه الفكرة المشؤمة التي وضعت الفريق في هذا المأزق .فأخذ ينهال عليه بالكلمات والعبارات المليئة بالغضب والاستياء بينما يبقى ديفد صامتا لا يتفوه بكلمة وكأنه لايعرف ماذا يقول.وبينما هم على هذه الحالة بينما ينتبه جاك الى تشبع سقف الكهف بالماء أذ بدا وكأنه قطعة من الطين.
وبينما هو ينظر اليه اذ بدأ يتفطر وأخذ الماء يتسلل الى داخل الكهف فيصرخ جاك :سوف يسقط الكهف أخرجوا بسرعة وما أن يضع الرفاق أقدامهم على أعتاب الكهف حتى أنهار كليا وأذا بصوت من داخل الكهف يصيح ....آه بصوت خافت فينتبهون الى أن لورا غير موجودة بينهم فيصرخ جون مذهولا :لورا.......ويقومون جميعا ببحث أكوام التراب بأيديهم لاخراج صديقتهم التىي دفمت تحت التراب أثر سقوط الكهف عليها وهي تحاول الخروج مع زملائها . وما أن يتمكنون من أخراجها ويلتفون حولها حتى يعرفون أنها قد فارقت الحياة. فتتعالى الصيحات وتأخد أيمي بالبكاء والنحيب رثاءا لما حدث للمسكينة لورا والذي لم يكن في الحسبان .في حين أن المطر مازال مستمرا وبغزارة .
مضى وقت طويل على دخولهم الغابة بالاضافة الى أن الظلام كان قد خيم على جو الغابة .حاول الشباب العودة الى مكانهم لكن دون جدوى فلم يستطيعوا أن يهتدوا لاية علامة أو دليل يرشدهم للطريق الصحيح فاصبحوا يتخطفون بالاشجار ولم يكن لهم وسيلة للرؤية سوى شعاع الخافت الذي يأتي من الاعلى مخترقا ظلام الغابة المشتبكة الاشجار .أصبح يرى أحدهم الاخر كالشبح أمامه مما زادهم أظطرابا وخوفا من مصيرهم المجهول بعد أن ظلوا الطريق وسط الغابة المظلمة المليئة بالحيوانات المفترسة .
وهنا تصرخ أيمي من شدة الفزع وهي تقول :لا ......لا ..........لا أستطيع البقاء هنا أكثر أريد العودة ...أريد العودة ...أرجعوني ...أرجعوني وتنهال بالبكاء .فيعل جاك على تهدئتها ويقول لها :تمالكي عزيزتي سوف نعود كلنا الان فقط عليك أن تتحلي بالصبر وسوف ترين .ويواصلون محاولاتهم بالعودة والخروج من الغابة فيأخذون بالسير ممسكا أحدهم بالاخر . وفي أثناء سيرهم واذا بأيمي تعثر بغصن شجرة وتسقط على الارض طالبة المساعدة.وما أن يلتفت جون وجاك لمساعدتها حتى أختفت نهائيا فلم يجدوا لها أثر.مما زرع الحيرة والاظطراب في نفوسهم فيأخذون بالسير وقد تجمد الدم في عروقهم وهم يترقبون مصيرهم المجهول . يتلفتون حولهم لا يعرفون ماذا سوف يحدث لهم في هذه العتمة القاتمة أذ حتى شعاع الضوء الخافت بدأ يتلاشى مع حلول المغيب أذ بدت أجواء الغابة مرعبة لا شي يرى فيها الا الظلام والحيوانات التى لا يرى الا بريق عينيها فقط .والخفافيش التى أنتشرت مع حلول الظلام بدأ صوتها يدوي في المكان .
بينما يواصل أعضاء الفريق السيرداخل الغابة وأذا بذئب كبير يعترض طريقهم فيحاول جاك ضربه بالعصى التي كان يحملها. لكن الذئب اللعين يقبض على العصى بفمه ويلتهمها ويسحب جاك الذي كان يمسك بها من الطرف الاخربقوة ويسقطه على الارض ويتمرغ بالوحل. فيقبل عليه الذئب وهو لا يقوى على الحركة وينقض عليه. فيصرخ طالبا النجدة دون جدوى حتى يخمد أنفاسه أمام الشابين الاخرين جون وديفد .
بعد أن يروا ماحدث لجاك يأخذان بالهرب والجري بسرعة من الذئب الذي ما أن تأكد أن جاك قد فارق الحياة حتى أخذ يطاردهما ,الى أن يصلان الى شجرة كبيرة فيقترح جون على ديفد تسلق الشجرة بأعتبارها المكان الوحيد الامن حالياالذي لا يستطيع الذئب الوصول اليه. لكن ديفد يجلس على الارض وهو يلهث من شدة التعب ويقول لجون تسلق أنت وأنجو بنفسك أما أنا فلا أستطيع لاني منهك من شدة التعب. .لكن جون يرفض ذلك بشدة ويقول لديفد:لا يا صديقي لم يبقى سوانا أنا وأنت ولن أتركك وحدك سوف تأتي معي. فيجيبه ديفد: لا تكن عنيدا هيا تسلق بسرعة ولا تضيع الوقت فالذئب يقترب منا .
لكن جون يأبى الا أن يتسلقا الشجرة سوية وهو يقول لديفد: هيا أسرع لنتسلق بسرعة فهذه الشجرة كبيرة وسيكون فوقها مكان آمن نلتجأ اليه من الحيوانات.بينما يحاول ديفد أقناعه بالصعود وحده وهو يقول له:هيا اصعد بسرعة فها هو الذئب يقترب منا ثم أنني لا أجيد تسلق الاشجار ,هيا أصعد وأنجو بنفسك ويبقى جون يصر على أن يأخذ ديفد معه فيحمله على ظهره ويتسلق الشجرة بصعوبة كبيرة فبالاظافة الى صعوبة تسلق هذا النوع من الاشجار كان هو مثقلا بصديقه الذي أبى الا أن يحمله الى أعلى الشجرة .فتسبب ذلك بأصابته بجروح بالغة في قدمه ويداه الذان أستخدمهما في التسلق مما يؤدي الى أصابته بالنزف الشديد .حاول ديفد تضميد جراحه وذلك بخرق ملابسه وربط مكان الاصابة لكن للاسف لم يفلح في مسعاه.
كان جرح بليغا وأستمر بالنزف حتى تعب جون كثيرا وخارت قواه .أخذ ديفد رأسه في حجره وهو يبكي و يقول له: سامحني يا أخي فانا السبب....أنا السبب في كل ماجرى .
فيجيبه جون قائلا:لاداعي لذلك الان ياديفد تماسك فأنت الاخر متعب ووضعك سىي فتماسك أرجوك فلعلهم يعرفون بوجودنا هنا ويأتون لنجدتنا.وفي تلك الاثناء كان الدكتور ميتلاند والسيدة جوزفين بعد أ أحسوا بأختفاء أفراد الفريق خطر ببالهم أنهم ممكن أن يكونوا قد ذهبوا الى داخل الغابة .
بعد الانتظار دون جدوى قرر الدكتور ميتلاند أبلاغ المركز خصوصا بعد سوء الاحوال الجوية فقام هو والسيدة جوزفين بالصعود الى الطائرة والعودة الى المركز وأبلاغ الدكتور جورج بما حدث لاتخاذ الاجراءات الازمة .وفي ذلك الوقت كان قد أتى المساء فقام الدكتور
جورج حالا بأبلاغ الجهات المختصة بالامر. فشكلت فرقة للبحث عنهم بواسطة طائرة مروحية تم أرسالها الى المنطقة. أخذت الطائرة تحلق بالجو فوق الغابة وعلى مستوى منخفض للبحث عن المجموعة وأستمرت في البحث طيلة الليل بسبب سوء الاحوال الجوية. في تلك الليلة تعذرت الرؤية أو حتى سماع أي صوت يمكن أن ينبعث من داخل الغابة ,فيما كانت حالة جون تزداد سوءا من جراء النزف المستمر مما أدى أن يلفظ المسكين أنفاسه .
وهكذا يبقى ديفد وحيدا فوق الشجرة في جو الغابة المعتم لا يقوى على الحراك من شدة التعب والخدوش التي كانت في جسمه وهو يتمرغ بدم جون ويبكي ويقول:ما مصيري أنا الان ......بعد أن مات الجميع وبقيت وحدي .لا شك أنني سوف الحق بهم لا محال فليس هناك أمل بالنجاة .هذا بينما كانت الطائرة مستمرة بالبحث ولكن سوء الحوال الجوية جعلت من الصعب على ديفد أن يسمع صوت الطائرة بوضوح . لذا أسمرت الطائرة بالبحث طوال الليل دون جدوى .
وعندما طلع الصبح توقف المطروتلاشت الغيوم فأصبح سطح الغابة يرى بوضوح .فتمكنت طائرة الانقاذ من رؤية شخص فوق أحد الاشجار فصاح أحدهم هناك ...هناك يوجد شخص فوق تلك الشجرة أذا كان ديفد يلوح بيده طالبا النجدة .فتقترب طائرة الانقاذ من الشجرة وينزل أحد أفراد الشرطة الى الشجرة بواسطة السلم ويحمل ديفد الى الطائرة أولا ومن ثم يقوم بحمل جثة جون الملطخة بالدماء.
فينقل ديفد حالا الى المستشفى ومن ثم يتم البحث من قبل أفراد الشرطة المسلحين على باقي أعضاء الفريق فيعثرون على جثة جاك وهي مقطوعة الرأس أذ أن الذئب قد أفترسه.ويعثرون على جثة لورا بالقرب من انقاض الكهف . بينما يتم العثور على أيمي أخيرا وبعد بحث طويل وهي مرمية على الشاطى مشوهة الوجه ومقطوعة اليدين والقدمين .أذ يتم العثور على هذه الاعضاء في المياه ,وتوصلوا الى أستنتاج بأن أحد الحيوانات قد أختطفها عند سقوطها خلفهم وذهب بها الى الشاطى وحدث لها ماحدث..وهكذا تنتهي الرحلة المأساوية للفريق الذي لم يبقى منه سوى ديفد الذي أودع المستشفى وسيخضع للمسائلة القانونية بعد أن يتعافى لارتكابه هذه الحماقة والمخاطرة بحياته وحياة زملائه الذين لاقوا حتفهم داخل الغابة .
( تمت بعون الله ومشيئته )
تأليف:فضيلة محمد عبود
رسالة sms
