قصة أصحاب الكهف والرقيم
قال الله سبحانه : ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من
آياتنا عجبا . . . ) الآيات .
( قصص الراوندي ) باسناده إلى ابن عباس قال : لما كان في عهد خلافة عمر
أتاه قوم من أحبار اليهود فسألوه عن أقفال السماوات ما هي ؟ وعمن انذر قومه
وليس من الجن ولا من الانس ؟ وعن خمسة أشياء مشت على وجه الأرض لم يخلقوا
في الأرحام ؟ وما يقول الدراج في صياحه ؟ وما يقول الديك والفرس والحمار والضفدع
والقنبرة ؟ فنكس عن رأسه فقال : يا أبا الحسن ما أرى جوابهم إلا عندك .
فقال لهم علي عليه السلام : ان لي عليكم شريطة إذا أنا أخبرتكم بما في التوراة
دخلتم في ديننا ؟ فقالوا : نعم ، فقال علي عليه السلام :
اما أقفال السماوات فهو الشرك بالله ، فان العبد والأمة إذا كانا مشركين
ما يرفع لهما إلى الله سبحانه عمل ، فقالوا : وما مفاتيحها ؟ فقال علي عليه السلام :
شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله .
فقالوا : أخبرنا عن قبر سار بصاحبه ؟ قال : ذلك الحوت ، حين ابتلع
يونس ( ع ) فدار به في البحار السبعة .
فقالوا : أخبرنا عمن أنذر قومه لا من الجن ولا من الانس ؟ قال : تلك نملة
سليمان ( ع ) : إذ قالت : ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده ) .
قالوا : أخبرنا عن خمسة أشياء مشت على الأرض ما خلقوا في الأرحام ؟ قال :
ذاك آدم وحواء وناقة صالح وكبش إبراهيم وعصا موسى صلوات الله عليهم .
قالوا : فأخبرنا ما تقول هذه الحيوانات ؟ قال : الدراج يقول : الرحمن
على العرش استوى . والديك يقول : اذكروا الله يا غافلين . والفرس يقول :
اللهم انصر عبادك المؤمنين على عبادك الكافرين . والحمار يلعن العشارين
ينعق في عين الشيطان . والضفدع يقول : سبحان ربي المعبود في لجج البحار .
والقنبرة تقول : اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد .
قال : وكان الأحبار ثلاثة ، فوثب اثنان وقالا : أشهد ان لا إله الا الله
وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ، فوقف الحبر الآخر وقال :
يا علي لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوب أصحابي ، ولكن بقيت خصلة أسألك
عنها ، فقال عليه السلام : سل ، قال : اخبرني عن قوم كانوا في أول الزمان
فماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ، ثم أحياهم الله ، ما كانت قصتهم ؟
فابتدأ علي عليه السلام وأراد ان يقرأ سورة الكهف ، فقال الحبر : ما أكثر
ما سمعنا قراءتكم ، فان كنت عالما فأخبرنا بقصة هؤلاء وبأسمائهم وعددهم
واسم كلبهم واسم كهفهم واسم ملكهم واسم مدينتهم .
فقال علي عليه السلام : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا أخا اليهود
حدثني محمد ( ص ) انه كان بأرض الروم مدينة يقال لها اقسوس وكان لهم ملك صالح
فمات ملكهم ، فاختلفت كلمتهم .
فسمع ملك من ملوك فارس يقال له دقيوس ، فأقبل في مائة الف حتى فتح
مدينة اقسوس ، فاتخذها دار مملكته واتخذ فيها قصرا طوله فرسخ في عرض فرسخ
واتخذ في ذلك القصر . مجلسا طوله الف ذراع في عرض مثل ذلك ، من الزجاج الممرد
واتخذوا في ذلك المجلس أربعة آلاف إسطوانة من ذهب واتخذوا الف قنديل من
ذهب لها سلاسل من اللجين ، تسرج بأطيب الأدهان ، واتخذ في شرقي المجلس ثمانين
كوة ، وكانت الشمس إذا طلعت في المجلس كيفما دارت واتخذت فيه سريرا من
ذهب له قوائم من فضة مرصعة بالجواهر ، وعلاه من النمارق ، واتخذ من يمين السرير
ثمانين كرسيا من الذهب مرصعة بالرونق الحرفرجد الأخضر ، فأجلس بطارقته - يعني قواده -
وأعاظم أهل دولته من العلماء ، واتخذ من يسار السرير ثمانين كرسيا من الفضة
مرصعة بالياقوت الأحمر ، فأجلس عليها هراقيله - يعني حكامه وعماله - ، ثم علا
على السرير فوضع التاج على رأسه .
فوثب اليهودي فقال : مم كان تاجه ؟ قال : من الذهب المشبك له سبعة أركان
على كل ركن لؤلؤة بيضاء كضوء الصبح في الليلة الظلماء ، واتخذ خمسين غلاما
من أولاد الهراقلة ، فقرطهم بقراريط الديباج الأحمر وسرولهم سراويلات الحرير
وتوجهم ودملجهم وخلخلهم وأعطاهم أعمدة من الذهب وأوقفهم على رأسه ، واتخذ
ستة غلمة وزراء فأقام ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن يساره .
فقال اليهودي : ما كان اسم الثلاثة والثلاثة ؟ فقال علي صلوات الله عليه : الثلاثة
عن يمينه أسماؤهم تمليخا ومكسلمينا ومنثلينيا ، وأما الذين عن يساره فأسماؤهم مرنوس
وديرنوس وساذريوس ، وكان يستشيرهم في جميع أموره ، كان يجلس في كل يوم
في صحن داره والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، ويدخل ثلاثة غلمة في يد
أحدهم جام من ذهب مملوء من المسك المسحوق وفي يد الآخر جام من فضة مملوء من
ماء الورد وفي يد الآخر طائر ابيض منقاره احمر ، فإذا نظر الملك الطائر صفر به ،
فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه ثم يقع على جام المسك ، فيحمل
ما في الجام بريشه وجناحه ، ثم يصفر به الثانية فيطير الطائر على الملك فينفض
ما في ريشه وجناحه على رأس الملك .
فلما نظر الملك إلى ذلك عتى وتجبر فادعى الربوبية من دون الله ودعا إلى
ذلك وجوه قومه فكل من أطاعه إلى ذلك أعطاه وكساه ، وكل من لم يبايعه قتله
فاستجابوا له رأسا ، واتخذ لهم في كل سنة مرة .
فبينما هم ذات يوم في عيد لهم والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، إذ
أتاه بطريق فأخبره ان عساكر الفرس قد غشيته ، فاغتم لذلك حتى سقط التاج عن
ناصيته ، فنظر إليه أحد الثلاثة الذين كانوا عن يمينه يقال له تمليخا وكان له غلاما
فقال في نفسه : لو كان دقيوس إلها كما يزعم إذن ما كان يغتم ولا يفزع ولا يبول
ولا يتغوط ما كان ينام وليس هذا من فعل الآله .
قال : وكان الفتية كل يوم عند أحدهم ، وكانوا ذلك اليوم عند تمليخا ، فاتخذ
لهم من طيب الطعام ثم قال لهم : يا إخوتاه قد وقع في قلبي شئ منعني الطعام والشراب
والمنام ، قالوا : وما ذاك يا تمليخا ؟ قال : أطلت فكري في هذه السماء فقلت : من
رفع سقفها محفوظة بلا عمد ولا علاقة من فوقها ومن أجرى فيها شمسا وقمرا آيتان
مبصرتان ومن زينها بالنجوم ؟ ثم أطلت الفكر في الأرض فقلت : من سطحها على
صميم الماء الزخار ؟ ومن حبسها بالجبال أن يمتد على كل شئ ؟ وأطلت فكري في نفسي
من أخرجني جنينا من بطن أمي ومن غذاني ومن رباني ؟ ان لها صانعا ومدبرا ،
غير دقيوس الملك ، وما هو إلا ملك الملوك وجبار السماوات ، فانكبت الفتية على
رجليه يقبلونهما وقالوا : بك هدانا الله من الضلالة إلى الهدى ، فأشر علينا .
قال : فوثب تمليخا فباع تمرا من حائط له بثلاثة آلاف درهم وصر في ردنه
وركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة .
فلما صاروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا : يا إخوتاه جاءت مسكنة الآخرة
وذهب ملك الدنيا ، انزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل الله ان يجعل لكم
من أمركم فرجا ومخرجا ، فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ
في ذلك اليوم ، فجعلت أرجلهم تقطر دما .
قال الله سبحانه : ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من
آياتنا عجبا . . . ) الآيات .
( قصص الراوندي ) باسناده إلى ابن عباس قال : لما كان في عهد خلافة عمر
أتاه قوم من أحبار اليهود فسألوه عن أقفال السماوات ما هي ؟ وعمن انذر قومه
وليس من الجن ولا من الانس ؟ وعن خمسة أشياء مشت على وجه الأرض لم يخلقوا
في الأرحام ؟ وما يقول الدراج في صياحه ؟ وما يقول الديك والفرس والحمار والضفدع
والقنبرة ؟ فنكس عن رأسه فقال : يا أبا الحسن ما أرى جوابهم إلا عندك .
فقال لهم علي عليه السلام : ان لي عليكم شريطة إذا أنا أخبرتكم بما في التوراة
دخلتم في ديننا ؟ فقالوا : نعم ، فقال علي عليه السلام :
اما أقفال السماوات فهو الشرك بالله ، فان العبد والأمة إذا كانا مشركين
ما يرفع لهما إلى الله سبحانه عمل ، فقالوا : وما مفاتيحها ؟ فقال علي عليه السلام :
شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله .
فقالوا : أخبرنا عن قبر سار بصاحبه ؟ قال : ذلك الحوت ، حين ابتلع
يونس ( ع ) فدار به في البحار السبعة .
فقالوا : أخبرنا عمن أنذر قومه لا من الجن ولا من الانس ؟ قال : تلك نملة
سليمان ( ع ) : إذ قالت : ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده ) .
قالوا : أخبرنا عن خمسة أشياء مشت على الأرض ما خلقوا في الأرحام ؟ قال :
ذاك آدم وحواء وناقة صالح وكبش إبراهيم وعصا موسى صلوات الله عليهم .
قالوا : فأخبرنا ما تقول هذه الحيوانات ؟ قال : الدراج يقول : الرحمن
على العرش استوى . والديك يقول : اذكروا الله يا غافلين . والفرس يقول :
اللهم انصر عبادك المؤمنين على عبادك الكافرين . والحمار يلعن العشارين
ينعق في عين الشيطان . والضفدع يقول : سبحان ربي المعبود في لجج البحار .
والقنبرة تقول : اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد .
قال : وكان الأحبار ثلاثة ، فوثب اثنان وقالا : أشهد ان لا إله الا الله
وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ، فوقف الحبر الآخر وقال :
يا علي لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوب أصحابي ، ولكن بقيت خصلة أسألك
عنها ، فقال عليه السلام : سل ، قال : اخبرني عن قوم كانوا في أول الزمان
فماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ، ثم أحياهم الله ، ما كانت قصتهم ؟
فابتدأ علي عليه السلام وأراد ان يقرأ سورة الكهف ، فقال الحبر : ما أكثر
ما سمعنا قراءتكم ، فان كنت عالما فأخبرنا بقصة هؤلاء وبأسمائهم وعددهم
واسم كلبهم واسم كهفهم واسم ملكهم واسم مدينتهم .
فقال علي عليه السلام : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا أخا اليهود
حدثني محمد ( ص ) انه كان بأرض الروم مدينة يقال لها اقسوس وكان لهم ملك صالح
فمات ملكهم ، فاختلفت كلمتهم .
فسمع ملك من ملوك فارس يقال له دقيوس ، فأقبل في مائة الف حتى فتح
مدينة اقسوس ، فاتخذها دار مملكته واتخذ فيها قصرا طوله فرسخ في عرض فرسخ
واتخذ في ذلك القصر . مجلسا طوله الف ذراع في عرض مثل ذلك ، من الزجاج الممرد
واتخذوا في ذلك المجلس أربعة آلاف إسطوانة من ذهب واتخذوا الف قنديل من
ذهب لها سلاسل من اللجين ، تسرج بأطيب الأدهان ، واتخذ في شرقي المجلس ثمانين
كوة ، وكانت الشمس إذا طلعت في المجلس كيفما دارت واتخذت فيه سريرا من
ذهب له قوائم من فضة مرصعة بالجواهر ، وعلاه من النمارق ، واتخذ من يمين السرير
ثمانين كرسيا من الذهب مرصعة بالرونق الحرفرجد الأخضر ، فأجلس بطارقته - يعني قواده -
وأعاظم أهل دولته من العلماء ، واتخذ من يسار السرير ثمانين كرسيا من الفضة
مرصعة بالياقوت الأحمر ، فأجلس عليها هراقيله - يعني حكامه وعماله - ، ثم علا
على السرير فوضع التاج على رأسه .
فوثب اليهودي فقال : مم كان تاجه ؟ قال : من الذهب المشبك له سبعة أركان
على كل ركن لؤلؤة بيضاء كضوء الصبح في الليلة الظلماء ، واتخذ خمسين غلاما
من أولاد الهراقلة ، فقرطهم بقراريط الديباج الأحمر وسرولهم سراويلات الحرير
وتوجهم ودملجهم وخلخلهم وأعطاهم أعمدة من الذهب وأوقفهم على رأسه ، واتخذ
ستة غلمة وزراء فأقام ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن يساره .
فقال اليهودي : ما كان اسم الثلاثة والثلاثة ؟ فقال علي صلوات الله عليه : الثلاثة
عن يمينه أسماؤهم تمليخا ومكسلمينا ومنثلينيا ، وأما الذين عن يساره فأسماؤهم مرنوس
وديرنوس وساذريوس ، وكان يستشيرهم في جميع أموره ، كان يجلس في كل يوم
في صحن داره والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، ويدخل ثلاثة غلمة في يد
أحدهم جام من ذهب مملوء من المسك المسحوق وفي يد الآخر جام من فضة مملوء من
ماء الورد وفي يد الآخر طائر ابيض منقاره احمر ، فإذا نظر الملك الطائر صفر به ،
فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه ثم يقع على جام المسك ، فيحمل
ما في الجام بريشه وجناحه ، ثم يصفر به الثانية فيطير الطائر على الملك فينفض
ما في ريشه وجناحه على رأس الملك .
فلما نظر الملك إلى ذلك عتى وتجبر فادعى الربوبية من دون الله ودعا إلى
ذلك وجوه قومه فكل من أطاعه إلى ذلك أعطاه وكساه ، وكل من لم يبايعه قتله
فاستجابوا له رأسا ، واتخذ لهم في كل سنة مرة .
فبينما هم ذات يوم في عيد لهم والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، إذ
أتاه بطريق فأخبره ان عساكر الفرس قد غشيته ، فاغتم لذلك حتى سقط التاج عن
ناصيته ، فنظر إليه أحد الثلاثة الذين كانوا عن يمينه يقال له تمليخا وكان له غلاما
فقال في نفسه : لو كان دقيوس إلها كما يزعم إذن ما كان يغتم ولا يفزع ولا يبول
ولا يتغوط ما كان ينام وليس هذا من فعل الآله .
قال : وكان الفتية كل يوم عند أحدهم ، وكانوا ذلك اليوم عند تمليخا ، فاتخذ
لهم من طيب الطعام ثم قال لهم : يا إخوتاه قد وقع في قلبي شئ منعني الطعام والشراب
والمنام ، قالوا : وما ذاك يا تمليخا ؟ قال : أطلت فكري في هذه السماء فقلت : من
رفع سقفها محفوظة بلا عمد ولا علاقة من فوقها ومن أجرى فيها شمسا وقمرا آيتان
مبصرتان ومن زينها بالنجوم ؟ ثم أطلت الفكر في الأرض فقلت : من سطحها على
صميم الماء الزخار ؟ ومن حبسها بالجبال أن يمتد على كل شئ ؟ وأطلت فكري في نفسي
من أخرجني جنينا من بطن أمي ومن غذاني ومن رباني ؟ ان لها صانعا ومدبرا ،
غير دقيوس الملك ، وما هو إلا ملك الملوك وجبار السماوات ، فانكبت الفتية على
رجليه يقبلونهما وقالوا : بك هدانا الله من الضلالة إلى الهدى ، فأشر علينا .
قال : فوثب تمليخا فباع تمرا من حائط له بثلاثة آلاف درهم وصر في ردنه
وركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة .
فلما صاروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا : يا إخوتاه جاءت مسكنة الآخرة
وذهب ملك الدنيا ، انزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل الله ان يجعل لكم
من أمركم فرجا ومخرجا ، فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ
في ذلك اليوم ، فجعلت أرجلهم تقطر دما .