رسالة sms
من طرف فهذا علي نجل موس بن جعفر
شبيه علي نجل موسى بن جعفر
فذاك بدست للإمامة أخصر
وهذا بدست للنقابة أخضر
قال هذه الأبيات الشاعر علي بن حمزة في حق السيد رضي الدين علي بن طاووس لما تولى النقابة وقد جلس في مرتبة خضراء .
فموقفه هذا يشبه موقف الإمام الرضا (ع) لما عهد إليه المأمون العباسي ولاية العهد فقد ألبسه لباس الخضرة واجلسه على وسادتين عظيمتين في الخضرة (الكنى والالقاب ج/1ص339)
والسيد ابن طاووس هو السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد ـ هو الطاووس (لقب بالطاووس لأنه كان مليح الصورة ، وقدماه غير مناسبة لحسن صورته، يكنى ابا عبد الله وكان نقيب سورا) ((بحار الأنوار ج/107 ص44)) بن اسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب.
ولد في مدينة الحلة يوم الخميس منتصف محرم سنة 589 هـ في فترة كانت بداية ازدهار حركتها العلمية وكان لهذا الجو العلمي الذي تربى وترعرع فيه السيد اثر بالغ في حياته فانه يعد بمثابة الحجر الأساس فيما وصل إليه من مراتب سامية في دنيا المعارف الإسلامية أضف إلى ذلك ما كانت تتمع به أسرته من رصيد علمي ضخم.
بدأ دراسته العلمية في أوائل أيامه وقد تهيأت له اسباب ذلك حيث كان عنده عدة كتب عن الفقه من كتب جده لامه انتقلت إليه من والدته فيقول السيد في ذلك : (كان لي عدة كتب في الفقه من كتب جدي ورام انتقلت إليّ من والدتي (رضي الله عنها) باسباب شرعية في حياتها… فصرت أطالع بالليل كل شيء يقرأ فيه الجماعة الذي تقدموني بالسنين وانظر كل ما قاله مصنف عندي واعرف ما بينهم من الخلاف على عادة المصنفين، وإذا حضرت مع التلامذة بالنهار اعرف ما لا يعرفون وأنا ظرهم..) كشف المحجة = 109 ، 129 ، 130.
ثم هاجر إلى بغداد وقضى فيها قريباً من 15 سنة وفي تلك الفترة التي قضاها في بغداد احتل مكانه مرموقة يشار لها بالبنان سواء على صعيد علاقاته بالمجتمع العلمي المتمثل حينذاك بعلماء النظامية والمستنصرية ومناظراته معهم، أو على مستوى صلاته بالنظام القائم على الرغم من عدم انشغاله بالشأن السياسي في تلك الفترة
ويذكر السيد ابن طاووس في مؤلفاته محاولات الخليفة المستنصر لإقناعه بقبول منصب الافتاء تارة ونقابة الطالبيين تارة أخرى حتى وصل الامر بأن عرض عليه الوزارة فرفضها مبرراً ذلك بقولة (للمستنصر): إن كان المراد بوزارتي على عادة الوزراء يمشّون أمورهم بكل مذهب وكل سبب سواء كان ذلك موافقاً لرضا الله جل جلاله ورضا سيد الأنبياء والمرسلين أو مخالفاً لهما في الآراء، فإنك من أدخلته في الوزارة بهذه القاعدة قام بما جرت عليه العوائد الفاسدة وإن أردت العمل في ذلك بكتاب الله جل جلاله وسنة رسوله 5 فهذا أمر لا يحتمله من في دارك ولا مماليكك ولاخدمك ولا حشمك ولا ملوك الأطراف ويقال لك إذا سلكت سبيل العدل والانصاف والزهد: أن هذا علي بن طاووس علوي حسني ما اراد بهذه الامور إلا ان يعرّف أهل الدهور ان الخلافة لو كانت إليهم كانوا على هذه القاعدة في السيرة وان في ذلك رداً على الخلفاء من سلفك وطعناً عليهم) كشف المحجة / 114 .
ثم عاد بعد ذلك الى الحلة في أواخر عهد المستنصر فبقي هناك مدة من الزمن ثم انتقل الى النجف الأشرف فبقي فيها ثلاث سنين ثم انتقل الى كربلاء وكان ينوي الإقامة فيها ثلاث سنين، ثم عاد إلى بغداد سنة 652 هـ وبقي فيها الى حين احتلال المغول بغداد فشارك في أهوالها وشملته آلامها وفي ذلك يقول (تم احتلال بغداد من قبل التترفي يوم الإثنين 18 محرم سنة 656 هـ وبتنا ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية فسلمنا الله جل جلاله من تلك الأهوال) (كشف المحجة / 115 ـ 118) (فرج المهموم / 147 ).
ويشهد لجلالته وعظيم منزلته ما قاله في حقه فحول الطائفة.
قال العلامة في منهاج الصلاح في مبحث الاستخارة : ورويت عن السيد السند السعيد رضي الدين علي بن موسى بن طاووس وكان أعبد من رأيناه من أهل زمانه. وكان دأبه في زكاة غلاته كما ذكره في كتاب (كشف المحجة) ان يأخذ العشر منها ويعطي الفقراء الباقي منها. (سفينة البحار ج / 5 ص(342) وقال ايضاً : وكان رضي الدين علي صاحب كرامات حكى لي بعضها وروى لي والدي (رحمة الله عليه) البعض الآخر (سفينة البحار ج / 5 ص (341).
قال الشيخ عباس القمي : (ابن طاووس يطلق غالباً على السيد الأجل الاورع الازهد قدوة العارفين ابو القاسم رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الذي ما اتفقت كلمة الأصحاب على اختلاف مشار بهم وطريقتهم على صدور الكرامات عن احد ممن تقدمه او تأخر عنه غيره (سفينة البحار ج/5ص341).
وذكر المحدث النوري في المستدرك بعض كراماته، ومن ذلك ما ذكره في مهج الدعوات قال : وكنت بسر من رأى فسمعت سحراً دعاء القائم (صلوات الله عليه) فحفظت منه الدعاء … ثم قال( قدس سره ).
ويظهر من مواضع من كتبه خصوصاً (كشف المحجة) ان باب لقائه إياه (صلوات الله عليه) كان مفتوحاً ، وقال ( قدس سره ) : وكان رحمه الله من عظماء المعظمين لشعائر الله تعالى لا يذكر في احد من تصانيفه الاسم المبارك (الله) إلا ويعقبه بقوله جل جلاله. ج / 5 ص 342.
قال الشيخ الحر في تذكرة المتبصرين (622) حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة و العفة والجلالة والورع اشهر من ان يذكر وكان ايضاً شاعراً أديباً منشئاً بليغاً.
توفي يوم الاثنين خامس ذي القعدة سنة ، 664 هـ واما مدفنه الشريف فقد تضاربت فيه الأقوال :
فذهب الشيخ يوسف البحراني إلى ان قبره ـ قد ـ غير معروف الآن (لؤلؤة البحرين ص 241) وقال ابن الفوطي في الحوادث الجامعة (وفيها ـ أي في حوادث سنة 664 هـ ـ توفي السيد النقيب الطاهر رضي الدين علي بن طاووس وحمل إلى مشهد جده علي بن ابي طالب (ع)، قيل: كان عمره نحو ثلاث وسبعين سنة) (الحوادث الجامعة ص 356. ) ولعل هذا هو الأقرب حيث ورد في فلاح السائل ص 73 للسيد ابن طاووس (قدس): (وقد كنت مضيت بنفسي وأشرت إلى من حفر لي قبراً كما اخترته في جوار جدي ومولاي علي بن ابي طالب (ع) متضيفاً ومستجيراً ووافداً وسائلاً وآملاً، متوسلاً بكل ما يتوسل به أحد من الخلائق إليه، وجعلته تحت قدمي والديّ رضوان الله عليهما لأني وجدت الله جل جلاله يأمرني بخفض الجناح لهما ويوصيني بالإحسان إليهما، فأردت ان يكون راسي مهما بقيت في القبور تحت قدميهما).
فسلام عليه يوم ولد ويوم توفي ويوم يبعث حيا.
