وَقفتَ على شطِّ الفراتِ مُعَلِّماَ
وسَطَّرتَ ناموسَ الأُخُوَّةِ بالظَّماَ
وعُدتَ.. وفي عينيكَ حَطَّتْ قبيلةٌ
من الشَّرفِ العالي فأَلفَتْ لها حِمَى
كأنَّكَ لم تحملْ من الماءِ (قِربَةً)
ولم تنعقدْ زنداً عليها، ومعصماَ
ولكنْ حملتَ النهرَ من مستقرِّهِ
وأقبلتَ في أمواجِهِ ثائرَ الدِّماَ
وما عُدْتَ تزهو بالحديدِ مُحَزَّماً
ولكنْ بدستور الوفاءِ مُحَزَّماَ!
مشيتَ كما تمشي القصيدةُ في الهوَى
(مجازاً) شجيًّا أو (بديعاً) مُتَيَّماَ
حسامُكَ أهدَى الأبجديَّةَ حَدَّهُ
وباللغةِ الفصحَى جوادُكَ حمحماَ
هنا فارسٌ.. سيفٌ.. حصانٌ.. وقصَّةٌ
رواها لسانُ الريحِ حتَّى تلعثماَ
هنا أنت تغتالُ المسافةَ عابراً
من النهر أو بالنهرِ تنوي (الـمُخَيَّماَ)
هنا رُحْتَ تختطُّ المنايا قصائداً
وتكسو قوافيهنَّ لحماً وأعظماَ
هنا (القِرْبَةُ) الحُبلَى أراقوا جنينَها
من الماءِ فاغتالوكَ ورداً وموسماَ
هنا دمُكَ الممتدُّ من وَجَعِ الثرَى
إلى نجمة الحبِّ الأخيرةِ في السَّماَ
ذراعاكَ منهوبانِ إلاَّ عزيمةً
تمدُّ ذراعَيها إلى الله سُلَّماَ
ذراعانِ ما زالا على كلِّ موقفٍ
يفيضانِ في مجرَى الضمائرِ (زمزماَ)
{ { {
(أبا الفضلِ).. وارتدَّ الصدَى مثلما الندَى
رقيقاً كأنَّ الماءَ باسمِكَ تمتماَ
هنا روحُكَ انصَبَّتْ (فراتاً) و(دجلةً)
وأهدَتْكَ للدُّنياَ (عراقاً) مُعَظَّماَ
وجرحُكَ من فرط القداسةِ لم يزلْ
على هامةِ التاريخِ جرحاً مُعَمَّماَ
وكلُّ ذراعٍ من ذراعيكِ كوكبٌ
تَجَلَّى ليمحو عن سماواتِنا العَمَى
أتيتُكَ للسُّقياَ .. وهذا أوانُها..
فقد عادَتِ الذكرَى تهزُّ (المحرَّماَ)
تَدَلَّى على جفنيَّ غيمٌ من الأسَى
وألفاكَ عنوانَ الإباءِ فما هَمَى
ذراعايَ لو كانَتْ تليقُ بضيغمٍ
لَماَ خِلْتُها تختارُ غيرَكَ ضيغماَ !
أَتيتُكَ للسُّقيا ففي القلبِ صارمٌ
من العطشِ المسلولِ جمراً وعلقماَ
وثَمَّةَ أطفالٌ عُطاشَى بداخلي
تناديكَ: يا عمَّاهُ.. من خيمةِ الظَّماَ
فهَبْني بياناً يستعيدُكَ معجماً
من الشِّيَمِ الكبرَى ، ويجلوكَ منجماَ
فيا طالما اشتاقَتْ مدائنُ خاطري
تُوَشِّي مداهاَ من معانيكَ أنجماَ
ولكنْ تَخَطَّفْتَ العبارةَ من فمي
وعُدتَ .. وهذا أنتَ تختطفُ الفَماَ
كأنِّيَ في نجواكَ من فرط خشعتي
أقيمُ لنفسي في رحابِكَ مأتما