(شُبَّاكُكَ المبكَى ونحنُ مآسي)
في حفل تجديد شُبَّاكِ ضريح الإمام الحسين عليه السلام ربيع ثاني 1434هــــ
شُـبَّاكُكَ الـمَبكَى ونحنُ مَآسِي
أَبَدًا يشدُّ جراحَـنا، ويُوَاسي
أبدًا نطلُّ عليكَ من شرفاتِهِ
فـنَرَاكَ حُلْماً ساطعَ النبراسِ
ماذا سننقشُ في أضالعِهِ سوى
وَلَهِ النفوسِ وحرقةِ الأنفاسِ
هذي شجونُ العاشقينَ فرائدٌ
تُغنِيهِ عن ذَهَبٍ وعن ألماسِ
إنْ جَدَّدوهُ فإنَّما لَكَ جدَّدوا
عهدَ الضميرِ وبيعةَ الإحساسِ
ما نَصَّبُوهُ على ضريحِكَ حارساً
يحميكَ من دنسٍ ومن أرجاسِ
فاللهُ يعرفُ كيف يحرسُ نفسَـهُ
والحُبُّ لا يحتاجُ للحُرَّاسِ!
قَـسَمًا بـحُجَّاجُ الفداءِ توافدوا
وقلوبُهُمْ سُفُنٌ بـغَيرِ مراسي!
كُلٌّ يَطُشُّ عليكَ كيسَ حنينِهِ
حيث الحنينُ يفورُ في الأكياسِ!
لنْ أعذلَ (الشُّـبَّاكَ) لو قضبانُـهُ
ذَابَتْ بـلهفةِ هؤلاءِ النَّاسِ!
قَسَمًا بـحُجَّاجِ الفداءِ، وإنَّهُ
قَسَمٌ بحجمِ تأجُّجي وحماسي
كلٌّ لهُ في الحبِّ غصنُ قداسةٍ
وهواكَ (سِدرةُ مُنتهى) الأقداسِ
{ { {
شُبَّاكُكَ المبكَى: حديدٌ تائبٌ
للهِ من صَلَفِ الحديدِ القاسي
ماذا سننقشُ في أضالعِهِ سوى
وَهَجِ (الصلاةِ) ولهفةِ (القُدَّاسِ)
فـهُنا انسجامُ الكونِ ساعةَ يلتقي
صوتُ (الأذانِ) ورِنَّةُ (الأجراسِ)
وهنا (الحسينُ) رسالةٌ كونيَّةٌ
زِنَةُ الجبالِ شواهقاً ورواسي
وهنا (العراقُ) على مصابِكَ لم يزلْ
-في كلِّ حزنٍ- ضارباً بـأَساسِ
يا أيها الوطنُ الذي لم يكتشفْ
رئتيهِ، لولا ضِيقَةُ الأنفاسِ
رأسُ (الحسينِ) من الجنوبِ يحدُّهُ
ومن الشمالِ سواعدُ (العبَّاسِ)
وطنٌ يقيمُ على صفيحٍ ساخنٍ
مِمَّا يُحِسُّ من الأسى والياسِ
وطنٌ بحجمِ الحبِّ مدَّ جناحَـهُ
واحتلَّ كلَّ خرائطِ الإحساسِ
فإذا انتميتُ إلى العراقِ فعاذري
أنَّ العراقَ عراقُ كلِّ الناسِ
{ { {
شُـبَّاكُكَ المَبكَى وأنتَ وراءَهُ
عرسُ الشهادةِ سَيِّدُ الأعراسِ
في رحلة العنقودِ جئتُكَ هائماً
أسري من البستانِ حتَّى الكاسِ
في رحلة العنقودِ جئتُ، وداخلي
وَجْدٌ يمارسُني ألذَّ مراسِ
أَوسَعْتَني حُبًّا فـلو قَايَسْتَنِي
بالكونِ جاءَ الكونُ دون مقاسي
تزهو الحروفُ على رؤوسِ أصابعي
زهوَ الشموعِ على رموشِ أماسي
أَوْحَتْ ليَ الأشواقُ عن بحر الهوى
ما أَوْحَتِ الأعماقُ للغَطَّاسِ
آتِيكَ أحملُ في القرارةِ من دمي
حزنَ البنفسجِ وابتهاجَ الآسِ
(هَجَرُ) الحبيبةُ قَبَّلَتْكَ على فمي
وتحضَّنتكَ بـنخلِـها الميَّاسِ
منذُ القصيدِ وأنتَ تأخذُني إلى
قلمي، إلى فكري، إلى قرطاسي
لم أفتحِ الكُرَّاسَ ذاتَ قصيدةٍ
إلاَّ وَجَدْتُكَ داخل الكُرُّاسِ
أَلَقاكَ تسكنُ بين قَوْسَـــيْ لهفتي
فأُتِمُّ حولك دورةَ الأقواسِ!
دَمُكَ اليقينُ وما عداهُ مُرَشَّحٌ
للشكِّ.. للتدليسِ.. للوسواسِ!
دَمُكَ الخلاصُ وما عداهُ حكايةٌ
تُغري (العبيدَ) بـطاعةِ (النَّخَّاسِ)
ما دامَ فِكرُكَ قطعةً ذَهَبِـيَّةً
اعذرْ نشازيَ فالكلامُ نُحَاسِي!
رأسٌ قطيعٌ وَهْوَ ينجبُ فكرَهُ
يُغنيكَ عن فكرٍ قطيعِ الراسِ
{ {
جاسم الصحيح