علي بن حماد العبدي
لله ما صنعت فينا يد البينِ
كم من حشاً أقرحت منا ومن عينِ
مالي وللبين؟ لا أهلاً بطلعته
كم فرّق البين قدماً بين إلفينِ؟!
كانا كغصنين في أصلٍ غذاؤهما
ماء النعيم وفي التشبيه شكلين
كأنّ روحيهما من حسن إلفهما
روح وقد قسّمت ما بين جسمين
لا عذل بينهما في حفظ عهدهما
ولا يزيلهما لوم العذولين
لا يطمع الدهر في تغيير ودّهما
ولا يميلان من عهدٍ إلى مَينِ
حتى إذا أبصرت عين النوى بهما
خِلّين في العيش من هم خليّين(هكذا)
رماهما حسدا منه بداهيةٍ
فأصبحا بعد جمع الشمل ضدّين
في الشرق هذا وذا في الغرب منتئياً
مشرّدين على بُعد شجّيين
والدهر أحسد شيء للقريبين
يرمي وصالهما بالبعد والبين
لا تأمن الدهر إن الدهر ذو غيرٍ
وذو لسانين في الدنيا ووجهين
أخنى على عترة الهادي فشتّتهم
فما ترى جامعا منهم بشخصين
كأنّما الدهر آلا أن يبدّدهم
كعاتب ذي عناد أو كذي دين
بعض بطيبة مدفون وبعضهم
بكربلاء وبعض بالغريّين
وأرض طوس وسامرّا وقد ضمنت
بغداد بدرين حلا وسط قبرين
يا سادتي ألمن أبكي أسىً؟! ولمن
أبكي بحفنين من عيني قريحين
أبكي على الحسن المسموم مضطهدا؟!
أم الحسين لقى بين الخميسين؟
أبكي عليه خضيب الشيب من دمه
معفّر الخد محزوز الوريدين
وزينب في بنات الطهر لاطمة
والدمع في خدّها قد خدّ خدّين
تدعوه : يا واحدا قد كنت أمله
حتى استبدّت به دوني يد البين
لاعشت بعدك ما إن عشت لانعمت
روحي ولا طعمت طعم الكرا ، عيني
أنظر إليّ أخي قبل الفراق لقد
أذكا فراقك في قلبي حريقين
أنظر الى فاطم الصغرى أخي تَرها
لليُتم والسبي قد خصّت بذلّين
اذا دنت منك ظل الرجس يضربها
فتلتقي الضرب منها بالذراعين
وتستغيث وتدعو : عمّتا تلفت
روحي لرزئين في قلبي عظيمين
ضرب على الجسد البالي وفي كبدي
للثكل ضرب فما اقوى لضربين
أنظر علياً أسيرا لا نصير له
قد قيّدوه على رغم بقيدين
وارحمتا يا أخي من بعد فقدك بل
وارحمتا للأسيرين اليتيمين
والسبط في غمرات الموت مُشتغل
ببسط كفّين أو تقبيض رجلين
لا زلت أبكي دماً ينهلّ منسجماً
للسيّدين القتيلين الشهيدين
ألسيّدين الشريفين اللذين هما
خير الورى من أب مجد وجدّين
ألضارعين الى الله المنيبين
ألمسرعين الى الحق الشفيعين
ألعالمين بذي العرش الحكيمين
ألعادلين ألحليمين الرشيدين
ألصابرين على البلوى الشكورين
ألمعرضين عن الدنيا المنيبين
ألشاهدين على الخلق الإمامين
ألصادقين عن الله الوفيّين
ألعابدين التقيّين الزكيّين
ألمؤمنين الشجاعين الجريّين
ألحجّتين على الخلق الأميرين
ألطيّبين الطهورين الزكيّين
نورين كانا قديما في الظلال كما
قال النبي لعرش الله قرطين
تفّاحتي احمد الهادي وقد جعلا
لفاطم وعليّ الطهر نسلين
صلى الإله على روحيهما وسقا
قبريهما ابداً نوء السماكين
إلى أن يقول فيها:
ما لابن حمادٍ العبدي من عمل
إلا تمسكه بالميم والعين
فالميم غاية آمالي محمدها
والعين أعني عليا قرة العين
صلى الإله عليهم كلما طلعت
شمس وما غربت عند العشائين