ذكريات
للشاعرة نازك الملائكة
كانَ ليْلٌ، كانتِ الأنجُمُ لُغْزا لا يُحَلُّ
كان في روحيَ شيءٌ صاغَهُ الصمتُ المُملُّ
كان في حسّيَ تخديرٌ ووعْيٌ مضمحلُّ
كان في الليلِ جُمودٌ لا يُطاقُ
كانتِ الظُلمة أسرارا تُراقُ
كنتُ وحدي لم يكن يتبَعُ خُطْوي غيرُ ظلي
أنا وحدي، أنا والليل الشتائيُّ... وظلي
لم أكنْ أحْلُمُ لكن كانَ في عينيَّ شيءُ
لم أكنْ أبسمُ لكنْ كان في روحيَ ضوءُ
لم أكنْ أبكي ولكنْ كان في نفسي نَوْءُ
مرَّ بي تَذْكارُ شيءٍ لا يُحَدُّ
بعضُ شيءٍ ما لَهُ قبلٌ وبعْدُ
ربَّما كانَ خيالاً صاغَهُ فِكريْ وليلي
وتلفتُّ ولكنْ لم أقابلْ غيرَ ظلي
كان صمْتٌ راكدٌ حولي كصَمْتِ الأبديَّه
ماتت الأطيارُ أو نامتْ بأعشاشٍ خفيَّه
لم يكنْ ينطِقُ حتى الرغَباتُ الآدميَّه
غيرَ صَوْتٍ رنَّ في سَمْعي وذابا
لحظةً لم أدرِ حتى أينَ غابا
آهِ لو أدركتُ من ألقاهُ في الصَمْتِ المُملّ
أتراني لم أكنْ أمشي أنا وحدي وظلي؟
كانتِ الظُلْمةُ تمتدُّ إلى الأفُقِ الغريبِ
كلُّ شيء مغرَقٌ فيها كقلبي، كشُخُوبي
ظلمةٌ ممتدَّةٌ كالوهْمِ كالموتِ الرهيبِ
غيرَ ضوْءٍ خاطفٍ مَرَّ بجَفْني
لحظةً لم تَدْرِ ماذا كان، عيني
كان ضوءا لونه خيال مضمحلّ
مرَّ بي لَمْحاً وأبقاني أنا وحْدي وظلّي
كان في الجوِّ الشتائيّ ارتعاشٌ وجُمُودُ
جَمَدَ الظلُّ من البَرْد وغشَّاهُ الرُكودُ
ليلةٌ يرجفُ في أجوائها حتى الجليدُ
غيرَ دفءٍ طاف في قلبي الوجيعِ
فزتُ فيه من شتائي بربيعِ
وإذا في عُمْق قلبي فرحةُ الفَجْر المطلِّ
غيرَ أني كنتُ في الليلِ أنا وحدي وظلي
كانَ في روحي فَرَاغٌ جائعٌ كاللاَّنهايه
كانَ ظلي صامتا لا لحنَ لا رجْع حكايه
باهتاً يتبَعُ مَسْرَى خُطُواتي دونَ غايه
غيرَ كأسٍ عبَرت حين صرَخْتُ
قطرةٌ واحدةٌ ثم ارتويتُ
أتراهُ كانَ أُكذوبةَ إحساسي المُضلِّ
أوَما كنتُ أنا وحدي مع الليلِ وظلِّي؟
كان قلبي مُتعَباً يسكَنُه حُزْنٌ فظيعْ
رقصتْ فيه وشدَّتْه إلى الجُرح دُموعُ
صوَرٌ في قَعْره يصبُغُ مرآها النجيعُ
كانَ، لكنَّ يدا مرَّتْ عليهِ
حملتْ بعضَ تحاياها إليهِ
باركتْ آلامهُ السوداءَ كانتْ يدَ طفْلِ
أيُّ طفْلٍ؟ لم يكنْ في الليل غيري غير ظُلي
للشاعرة نازك الملائكة
كانَ ليْلٌ، كانتِ الأنجُمُ لُغْزا لا يُحَلُّ
كان في روحيَ شيءٌ صاغَهُ الصمتُ المُملُّ
كان في حسّيَ تخديرٌ ووعْيٌ مضمحلُّ
كان في الليلِ جُمودٌ لا يُطاقُ
كانتِ الظُلمة أسرارا تُراقُ
كنتُ وحدي لم يكن يتبَعُ خُطْوي غيرُ ظلي
أنا وحدي، أنا والليل الشتائيُّ... وظلي
لم أكنْ أحْلُمُ لكن كانَ في عينيَّ شيءُ
لم أكنْ أبسمُ لكنْ كان في روحيَ ضوءُ
لم أكنْ أبكي ولكنْ كان في نفسي نَوْءُ
مرَّ بي تَذْكارُ شيءٍ لا يُحَدُّ
بعضُ شيءٍ ما لَهُ قبلٌ وبعْدُ
ربَّما كانَ خيالاً صاغَهُ فِكريْ وليلي
وتلفتُّ ولكنْ لم أقابلْ غيرَ ظلي
كان صمْتٌ راكدٌ حولي كصَمْتِ الأبديَّه
ماتت الأطيارُ أو نامتْ بأعشاشٍ خفيَّه
لم يكنْ ينطِقُ حتى الرغَباتُ الآدميَّه
غيرَ صَوْتٍ رنَّ في سَمْعي وذابا
لحظةً لم أدرِ حتى أينَ غابا
آهِ لو أدركتُ من ألقاهُ في الصَمْتِ المُملّ
أتراني لم أكنْ أمشي أنا وحدي وظلي؟
كانتِ الظُلْمةُ تمتدُّ إلى الأفُقِ الغريبِ
كلُّ شيء مغرَقٌ فيها كقلبي، كشُخُوبي
ظلمةٌ ممتدَّةٌ كالوهْمِ كالموتِ الرهيبِ
غيرَ ضوْءٍ خاطفٍ مَرَّ بجَفْني
لحظةً لم تَدْرِ ماذا كان، عيني
كان ضوءا لونه خيال مضمحلّ
مرَّ بي لَمْحاً وأبقاني أنا وحْدي وظلّي
كان في الجوِّ الشتائيّ ارتعاشٌ وجُمُودُ
جَمَدَ الظلُّ من البَرْد وغشَّاهُ الرُكودُ
ليلةٌ يرجفُ في أجوائها حتى الجليدُ
غيرَ دفءٍ طاف في قلبي الوجيعِ
فزتُ فيه من شتائي بربيعِ
وإذا في عُمْق قلبي فرحةُ الفَجْر المطلِّ
غيرَ أني كنتُ في الليلِ أنا وحدي وظلي
كانَ في روحي فَرَاغٌ جائعٌ كاللاَّنهايه
كانَ ظلي صامتا لا لحنَ لا رجْع حكايه
باهتاً يتبَعُ مَسْرَى خُطُواتي دونَ غايه
غيرَ كأسٍ عبَرت حين صرَخْتُ
قطرةٌ واحدةٌ ثم ارتويتُ
أتراهُ كانَ أُكذوبةَ إحساسي المُضلِّ
أوَما كنتُ أنا وحدي مع الليلِ وظلِّي؟
كان قلبي مُتعَباً يسكَنُه حُزْنٌ فظيعْ
رقصتْ فيه وشدَّتْه إلى الجُرح دُموعُ
صوَرٌ في قَعْره يصبُغُ مرآها النجيعُ
كانَ، لكنَّ يدا مرَّتْ عليهِ
حملتْ بعضَ تحاياها إليهِ
باركتْ آلامهُ السوداءَ كانتْ يدَ طفْلِ
أيُّ طفْلٍ؟ لم يكنْ في الليل غيري غير ظُلي